وقفة بالشّواطئ المحزونه |
يذكر النّيل دمعه و شجونه |
ودّ حوّلوا إلى السّين مجرا |
ه و بثّوا على الطّريق غيونه |
و مشى الشّهيد للوطن الثّا |
كل بحرا من الدّموع الهتونه |
دنت الدّار يا سفينة إلاّ |
شاطئ حالت المنيّة دونه |
فاهدئي في ضفاف مصر و قرّي |
آن لليث أن يحلّ عرينه |
قربّي من أديمها هيكل الحقّ |
تضمّ الصّدر الذي تحملينه |
لحظة يشتكي المتيّم فيها |
لوعة البين أو يبثّ حنينه |
و لك الله يا شواطئ فيمن |
كنت في كلّ موكب ترقبينه |
ذهبت بسمة الثّغور و حالت |
لمحات الطّوالع الميمونه |
ما عرفت السّفين من عهد نافا |
رين غير المجلّلات الحزينه |
خرجت منك ليلة البحر غرّا |
ء عليها من المنى ألف زينه |
ثمّ آبت إليك منكوسة الصّو |
ر يئنّ الجريح فيها أنينه |
فسلي البحر هل غدا لك أو را |
ح بطيف من الفتوح المبينه |
ما شهدت الأيّام غير سواد |
يشفق النّجم أن يشقّ دجونه |
كلّ يوم تستقبلين شهيدا |
ذاق في وحشة الغريب منونه |
أو طريدا وراء بحر تحامى |
أن يرى مصر في الحديد سجينه |
فاذكري الآن يا شواطئ عينا |
شيّعت بالبكاء كلّ سفينه |
و احملي الوافد الكريم حنانا |
و الثّمى ثغره و حيّ جبينه |
و إذا ضقت بالأسى فاستمدي النّـ |
ـوح من كلّ قرية و مدينه |
سائلي الرّيح أن تضجّ عويلا |
و سلي البحر أن يجنّ جنونه |
ذاك وادي البكا، و ما بعجيب |
أن يرى النّاس في البكاء فنونه! |
يا شهيد الأحرار لا كان يوم |
كم تمنّى في الغيب ألاّ يكونه |
فزع النّيل بالظّنون إليه |
فتحدى رجاءه و ظنونه |
كلّ جرح أسأل جرحك حتّى |
رسفت مصر في الجراح الثّخينة |
لو تلفتّ خلف نعشك يا عد |
لي لراعتك أمّة مسكينه |
كنت أهلا لبرّها و هواها |
و هي كانت بمن تحبّ ضنينه ّ! |
كيف لا تستقلّ في حقّك الدّمـ |
ـع و لا ترخص الدّموع الثّمينه؟ |
ما بكاء على الذي تخذ الأو |
طان دنياه في الحيّاة و دينه؟ |
ما بكاء على الذي حبس القلـ |
ـب عليها، و جيبه، و سكونه؟ |
ما بكاء عليه لو كان يفدى |
كنت يا مصر برّة تفتدينه!! |
يل رسول السّلام في كل حين |
فقدت مصر و حيه و أمينه |
ذكر النّاس فيك أيّام سعد |
فبكوا رحمة لما يذكرونه |
و تناجو بذكر ثروت حتى |
رجعوا الأمس و استعادوا شؤونه |
عرضوا الذّكريات فاهتجن فيهم |
كامن الحزن و الهموم الدّفينه |
دنت بالنّبل و الوداعة قلبا |
عجز البطش و الأذى أن يلينه |
عقدت كفّه بكفّك عهدا |
يتمنّى العدوّ ألاّ تصونه |
و تعانقتما و ما كنت إلاّ |
عون سعد و إلفه و خدينه ! |
يا نصير الحقوق آثرت حقا |
كلّ نفس بما قضاه رهينه |
فنم الآن في ثرى مصر و انزل |
منزل الحبّ و الهدى و السّكينه |
لم يمت من حديثه يملأ الوا |
دي و يطوي سهوله و حزونه |
تأخذ الظّالمين صيحته الكبـ |
ـرى و تستعذب السّماء رنينه ! |