أَرنةُ الحُزنِ أَم ذي رَنَة الطَرَبِ |
فَقَد أَهاجَ صَداها القَلب في لجب |
لِلشام مِن مَصر قَد سارَت هَواتِفُها |
بِالنَعي أَو بِالهَنا لَم أَدرِ لا وَأَبي |
هَل دار عُرسٌ بِها دَقَت بَشائِرُهُ |
أَم قامَ يا وَيح قَلبي مَأتَم الحَربِ |
فَأقصد رَبي نَيلَها مُستَعلِماً خَبَراً |
وَنادَ عَني كرام الحَيِّ عَن كَثَبِ |
قُل ما وَراكُم وَماذا هَبَّ يَشغلكم |
وَما لَجمعِكُم في الربع مِن سَبَب |
هَل لاحَ بَدرَكُم في الأُفقِ مُنجَلِياً |
أَم دَكَ مُحتَجِباً يا قَوم في التُربِ |
عَهدي بِهِ بالِغاً عَهدَ التَمام فَما |
بالَ المُحلق دَهاهُ اليَوم بِالعَطبِ |
بِاللَهِ أَينَ الفَتى المَحمود أَينَ مَضى |
أَينَ اِنثَنى أَينَ أَلقَتهُ يَدُ النوبِ |
وَاللَهِ أَني وَقَد ضَجَّ النَعيُّ بِهِ |
شرقتُ بِالدَمعِ حَتّى كادَ يُشرِقُ بي |
أَصبَحتُ يا قَوم مَصروعاً لِمَصرَعِهِ |
مَيِتاً تَحَرَّكَ في الام مُضطَرِبِ |
خُذوا رَشادي فَسكري حَلَّ مَوضِعَهُ |
يَأساً وَلُوموا فُؤادي كَيفَ لَم يَذُبِ |
وَمَزقوا مَهجَتي إِذ لَستُ أَحفَظَها |
مِن بَعدِهِ مَنزِلاً لِلحُزنِ وَالكَربِ |
لَهفي عَلى ذَلِكَ الغُصن الَّذي قَصفت |
صَباهُ في رَوضِهِ الزاهي يَدُ النكبِ |
أَواهُ أَيّ فُؤادٍ غَيرَ مُنكَسِرٍ |
وَأَيّ طَرفٍ عَلَيهِ غَير مُنتَحِبِ |
سَفح المُقَطم فيهِ حازَ حينَ سَرى |
كَنزاً ثَوي تَحتَ أَثقالٍ مِن الحجبِ |
سَفحٌ بِهِ دُفِنَ الصَبر الجَميل مَع |
الوَجه الجَميل الَّذي وَلّى وَلَم يَؤُبِ |
لَم يَعرِف السُحُب الهِتان عارضها |
فَجاءَهُ الدَمع يَغنيهِ عَن السُحُبِ |
يا أَيُّها الوالِد المَسلوب خاطِرُهُ |
بِما جَنى حادِثُ الأَيّام مِن نَوَبِ |
قَد أَشعَلَ الحُزن في أَحشاكَ جَمرَتَهُ |
وَأَنتَ بَينَ البَرايا بَهجَةُ العَرَبِ |
لفَم يَروِكَ النيلُ ظَمأناً بضفتِهِ |
حَتّى تَوَهَمتَ إِنَّ النيلَ مِن لَهَبِ |
أَنتَ الكَريمُ الَّذي فاضَت مَواهِبُهُ |
فَاطمع الدَهر حَتّى ثارَ لِلسَلبِ |
بِما أَعزيكَ يا مَن جَلَّ مَعرِفَةً |
وَأَنتَ في العَصر رَبُّ الفهم وَالأَدَبِ |
مَهلاً فَغُصنُكَ في رَوض السَماءِ بَدا |
مَع المَلائِكِ يَحيي بالغ الأَرَبِ |
وَهَكذا نَحنُ في الدُنيا إِلى أَمَدٍ |
نَسعي وَنَركُض وَالآجالُ في الطَلَبِ |
تَبّاً لِدَهرٍ خَؤونٍ في تَقَلُبِهِ |
يَضيعُ العُمر بَينَ الجَدِّ وَاللعبِ |