قفْ بالديارِ عفا من اهلها الأثرُ، |
عفى معالمها الأرواحُ والمطرُ |
بالعرصتينِ فمجرى السيلِ بينهما |
إلى القرينِ، إلى ما دونهُ البسر |
تَبْدُو لِعَيْنَيْكَ مِنْهَا كُلَّما نَظَرْتْ |
معاهدَ الحيِّ، دوداة ٌ، ومحتضر |
وركدٌ حولَ كابٍ قد عكفنَ به |
وَزَيْنَة ٌ ماثِلٌ مِنْهُ وَمُنْعَفِرُ |
منازلُ الحيِّ أقوتْ بعد ساكنها، |
أمستْ ترودُ بها الغزلانُ والبقر |
تَبَدَّلوا بَعْدَهَا داراً وَغَيَّرَها |
صَرْفُ الزَّمَانِ وَفي تَكْرَارِهِ غِيَرُ |
وَقَفْتُ فيها طَويلاً كَيْ أُسَائِلَها |
والدارُ ليس لها علمٌ، ولاحبر |
دارُ التي قادني حينٌ لرؤيتها، |
وَقَدْ يَقُودُ إلى الحَيْنِ الفَتَى القَدَرُ |
خودٌ تضيءُ ظلاَ البيتِ صورتها، |
كما يضيءُ ظلامَ الحندسِ القمر |
مَجْدُولَة ُ الخَلْقِ لَمْ تُوضَعْ مَنَاكِبُها |
ملءُ العناقِ ألوفٌ جيبها عطر |
ممكورة ُ الساقِ، مقصومٌ خلاخلها، |
فمشبعٌ نشبٌ، منها، ومنكسر |
هَيْفاءُ لَفّاءُ مَصْقولٌ عَوَارِضُها |
تكادُ، من ثقلِ الأردافِ، تنبتر |
تفترُّ عن واضحِ الانيابِ، متسقٍ، |
عذبِ المقبلِ، مصقولٍ له أشر |
كالمسكِ شيبَ بذوبِ النحلِ يخلطه |
ثَلْجٌ بِصهْبَاءَ مِمّا عَتَّقَتْ جَدَرُ |
تِلْكَ الَّتي سَلَبَتْني العَقْلَ وکمْتَنَعَتْ |
والغانياتُ، وإن واصلتنا، غدر |
قَدْ كُنْتُ في مَعْزِلٍ عَنْهَا فَقَيَّضَني |
للحينِ، حينَ دعاني للشقا النظر |
إني، ومنْ أعملَ الحجاجُ خيفته |
خوصَ المطايا وما حجوا وما اعتمروا |
لا أَصْرِفُ الدَّهْرَ وُدّي عَنْكِ أَمْنَحُهُ |
أخرى أواصلها، ما أورقَ الشجر! |
أَنْتِ کلمُنَى وَحَديثُ النَّفْسِ خَالِيَة ً |
وَفي الجَمِيعِ وأَنْتِ السَّمْعُ وکلبَصَرُ |
يا ليتَ من لامنا في الحبِّ مرُ به، |
مما نلاقي، وإنْ لم نحصهِ، العشر |
حتى يذوقَ كما ذقنا، فيمنعهُ، |
مِمّا يَلَذُّ حَدِيثُ النَّفْسِ والسَّهَرُ |
دَسَّتْ إلَيَّ رَسُولاً لا تَكُنْ فَرِقاً |
وکحْذَرْ وُقَيْتَ وأَمْرُ الحَازِمِ الحَذَرُ |
إنِّي سَمِعْتُ رِجالاً مِنْ ذَوِي رَحِمِي |
هُمُ العَدُوُّ بِظَهْرِ الغَيْبِ قَدْ نَذَروا |
أن يقتلوكَ، وقاكَ القتلَ قادرهُ، |
واللهُ جاركَ مما أجمعَ النفر |
السرُّ يكتمهُ الإثنانِ بينهما، |
وَكُلُّ سِرٍّ عَدَا الإثْنَيْنِ مُنْتَشِرُ |
والمرءُ، إن هو لم يرقبْ بصبوتهِ |
لَمْحَ العُيُونِ بِسُوءِ الظَّنِّ يَشْتَهِرُ |