الليلُ .. أعماق تناديني ، وصمتٌ يحلمُ
وشرفةٌ يلفني فيها سكون ملهم
وخطواتٌ في الطريق حلوةٌ ، تتمتم
صمتٌ ، كأعماق الحضارات ، وشيء مبهم
يذوب سحراً في دمي ، قصيدةً لا تُنتظَم
يا ليل .. اندى لغةٍ أنت هنا ، وارخم
بكين .. كونٌ حالم وشاعرٌ مستسلمُ
…
أحب هذا العَبَق الساري كعطر الأبد
يهمس في سمعي حكايات الهوى في بلدي
الشارعُ الساجي أمامي، والفضاءُ العسجدي
والصمتُ في "بكين" وشوشات لحن غردِ
يذوبُ في رقته امسي ، ويومي ، وغدي
يا وطنَ الصفاءِ ، يا حلم السماوات الندي
أيّ العيون يَرِدُ الشاعرُ والشعر الصدي !
…
بيني وبين الأهل والديار ليلٌ يزخرُ
ونجمةٌ تضيع في الأفق ، وأخرى تزهرُ
وموجة من الحنين في السكون تهدر
ويرتمي حولي جناحٌ وادع معَطّرُ
يضمني ، فالشرفة السمراء لحن مسكر
بكين .. هذا الصمت ، هذا الليل ، هذا القمرُ
أنت التي سكبته دفقةَ وحْيِ تسحَرُ
…
لُمّي جناحيكِ على السرّ الكبير الوادعِ
للفتنة البكر جناحاك ، وللروائع
إني على الشرفة رفّاتُ خيالٍ ضائع
وأنت يا بكين ملءُ القلب ، ملءُ السامع
يا حلوة المساء ، يا ساحرة المطالع
نحن أليفان هنا .. وهذه مراتعي ،
وللنفوس المظلمات كل بعدٍ شاسعِ
…
إنا أليفان ، تلاقينا ، فكان شاعرُ
وعالمٌ حلوُ الرؤى يعب منه الخاطرُ
وأومأ الحبّ ، فذاب ناظرٌ وناظر
وضمنا في نشوةٍ ركبُ الحياة الظافر
بكين .. هل تنسين ؟ إني أبداً لذاكرُ !
الشرفةُ السمراء ، والليل العميق الساحر
غداً ، إذا لجّ بنا البينُ ، وغاب السامر
قولي : هنا طاف الهوى ومرّ يوماً شاعر