نعم هذه يا دهرُ أمُّ المصائبِ |
فلا توعدني بعدها بالنوائبِ |
هتكتَ بها ستر التجاملِ بيننا |
و لم تلتفت فينا لبقيا المراقبِ |
و ما زلت ترمى صفحتي بين عاصدِ |
و منحرفٍ حتى رميتَ بصائبِ |
فرأيكَ في قودي فقد ذلَّ مسحلي |
و شأنكَ في غمزي فقد لان جانبي |
و لا تحسبني باسطا يدَ دافعٍ |
و لا فاتحا من بعدها فمَ عاتبِ |
و لا مسبغا فضفاضة ً أبتغي بها |
شبا طاعنٍ من حادثاتك ضاربِ |
لها كنتُ أستبقي الحياة َ وأحتمي |
و أجمعُ بردى من أكفَّ الجواذبِ |
وَ لجتَ رواقَ العزّ حتى اقتحمتهُ |
بلا وازعٍ عنه ولا ردَّ حاجبِ |
و أنشبتَ في صماءَ عهدي بمتنها |
صفيقَ المطا زليقة يالمخالبِ |
سددتَ طريقَ الفضلِ من كلِ وجهة ٍ |
و ملتَ على العلياء من كلّ جانبِ |
فلا سننٌ إلا محجة ُ تائهٍ |
و لا أملٌ إلا مطية ُ خائبِ |
أبعدَ ابنِ عبد اللهِ أحظى براجعٍ |
من العيش أو آسى على إثرْ ذاهبِ |
و أرسلُ طرفي رائدا في خميلة ٍ |
من الناسِ أبغى نجعة ً لمطالبي |
و أقدحُ زندا وارياً من هوى أخٍ |
و أكشفُ عن ودًّ خبيئة َ صاحبِ |
و أدفعُ في صدرِ الليالي بمثلهِ |
فترجعَ عني دامياتِ المناكبِ |
أبى َ ذاك قلبٌ عنه غيرُ مغالطٍ |
برجمٍ وحلمٌ بعدهُ غيرُ عازبِ |
و أنَّ خروقَ المجدِ ليستْ لراقع |
سواه وصدعَ الجودِ ليس لشاعبِ |
طوى الموتُ منه بردة ً في دروجها |
بقية ُ أيامِ الكرامِ الأطايبِ |
محبرة ً سدى وألحمَ وشيها |
صناعٌ بحوك المكرماتِ الرغائبِ |
كسا اللهُ عطفَ الدهرِ حيناً جمالها |
فلما طغى قيضتْ لها يدُ سالبِ |
لئن درستْ منها الخطوطُ فإنه |
ليبقى طويلا عرفها في المساحبِ |
و جوهرة ً في الناس كانت يتيمة ً |
و هل من أخٍ للبدرِ بين الكواكبِ |
أبى الحسنُ أن يحبى َ بها عقدُ ناظمٍ |
فتسلكَ أو يسمولها تاجُ عاصبِ |
فمدتْ إليها بالردى يدُ كاسرٍ |
و كان يقيها المجدُ من يد ثاقبِ |
سل الموتَ هل أودعتهُ من ضغينة ٍ |
تنقمَ منها فهو بالوترْ طالبي |
له كلَّ يومٍ حولَ سرحيَ غارة ٌ |
يشرد فيها بالصفايا النجائبِ |
سلافة ُ إخواني وصفوة ُ إخوتي |
و نخبة ُ أحبابي وجلُّ قرائبي |
فليتَ عفا عن أحمدٍ فادياً له |
بمصرمة ٍ مما اقتنيتُ وحالبِ |
أألآن لما اشتدّ متني بوده |
و ردتْ ملاءً من نداه حقائبي |
و جمتْ لآمالي العطاشِ حياضهُ |
و كانت تخلى َّ عن نطافِ المشاربِ |
فجعتُ به غضَّ الهوى حاضرَ الجدي |
جديدَ قميص الودّ سهلَ المجاذب |
كأني على العهدِ القريبِ اعتلقتهُ |
بطولِ اختباري أو قديم تجاربي |
سددتُ فمَ الناعي بكفي تطيرا |
و لويتُ وجهي عنه ليَّ مغاضبِ |
و قلتُ تبينْ ما تقولُ لعلها |
تكون كتلك الطائراتِ الكواذبِ |
فكم غامَ من أخباره ثم أقشعتْ |
سحابتهُ عن صالحِ الحالِ ثائبِ |
فلما بدا لي السرُّ في كرَّ قوله |
ربطتُ نوازي أضلعي بالرواجبِ |
و ملتُ إلى ظلًّ من الصبر قالصٍ |
قصيرٍ وظنًّ بالتجملِ كاذبِ |
و نفسٍ شعاعٍ قد أخلَّ وقارها |
بعادتهِ في النازلاتِ الصعائبِ |
و عينٍ هفا الحزنُ الغريبُ بجفنها |
فطاحَ ضياعا في الدموعِ الغرائبِ |
أسائلُ عنه المجدَ وهو معطلٌ |
سؤالَ الأجبَّ عن سنامٍ وغارب |
و أستروحُ الأخبارَ وهي تسوءني |
علائقَ منها في ذيولِ الجنائبِ |
فيفصحُ لي ما كان عنه مجمجماً |
و يصدقني ما كان عنه مواربي |
فقيدٌ بميسانَ استوت في افتقاده |
مشارقُ آفاق العلا بالمغاربِ |
و قيدَ الحياءُ والسماحُ فأرجلا |
عقيرينِ في تربٍ له متراكبِ |
تنافثُ عن جمرِ الغضا نادباتهُ |
كأنّ فؤادي في حلوقِ النوادبِ |
بكتْ أدمعا بيضا ودمتْ جباهها |
فتحسبها تبكي دماً بالحواجبِ |
هوتْ هضبة ُ المجدِ التليدِ وعطلتْ |
رسومُ الندى وانقضَّ نجمُ الكواكبِ |
وردتْ ركابُ المخمسين بظمئها |
تكدّ الدلاءَ في ركايا نواضبِ |
و منْ يستبلُّ المسنتونَ بسيبهِ |
فيرجعَ خضراً بالسنيين الأشاهبِ |
و مولى كشفتَ الضيمَ عنه وقد هوى |
به الذلُّ في عمياءَ ذاتِ غياهبِ |
فلما رآك استشعرَ النصفَ واستوتْ |
به رجلهُ في واضح متلاحبِ |
و فيمن يصاغُ الشعرُ بعدك ناظما |
عقودَ الثناءِ حاظياً بالمناقبِ . |
و أين أخوك الجودُ من كف راغبٍ |
إذا لم تكن قسامَ تلك الرغائبِ |
و من ذا يعي صوتي ويعتدّ نصرتي |
جهادا وودي من وشيج المناسبِ |
برغميَ أنْ هبَّ النيامُ وأنني |
دعوتكَ وجهَ الصبح غيرَ مجاوبِ |
و أن لا ترى مستعرضا حاجَ رفقة ٍ |
و لا سائلاً من أين مقدمُ راكبِ |
و كنتُ إذا ما الدهرُ شلَّ معاطني |
دعوتكَ فاستنفذتَ منه سلائبي |
ذخيرة ُ أنسى يومَ يوحشني أخي |
و بابي إذا سدتْ على مذاهبي |
و كم من أخٍ برًّ وإن أنا لم أجدْ |
كأنتَ أخاً في أسرتي والأجانبِ |
سرى الموتُ من أوطانه في مآلفي |
و نقبَ من أخلافهِ عن حبائبي |
عجبتُ لهذي الأرض كيف تلمنا |
لتصدعنا والأرضُ أمُّ العجائبِ |
نطاردُ عن أرواحنا برماحنا |
و نطربُ من أيامنا للحرائبِ |
و تسحرنا الدنيا بشبعة ِ طاعمٍ |
هي السقمُ المردى ونهلة ِ شاربِ |
أحدثُ نفسي خاليا بخلودها |
فأين أبي الأدنى وأين أقاربي |
و لا كنتُ إلا واحداً من عشيرة ٍ |
و لا باقيا في الناس إلا ابن ذاهب |
فهل أنا أجبي من مقاول حميرَ |
و أمنعُ ظهرا من مشيد ماربِ |
و هل أخذتْ عهد السموءلِ لي يدٌ |
من الموت أو عندي حنية ُ حاجبِ |
أردّ شفارا عن نحورِ صحابة ٍ |
كأنيَ دفاعٌ لها عن ترائبي |
و لا علمَ لي من أيّ شقيَّ مصرعي |
و في أيما أرضٍ يخطُّ لجانبي |
إذا كان سهمُ الموتِ لا بدّ واقعا |
فيا ليتني المرمى من قبلِ صاحبي |
و يا ليتَ مقبورا بكوفان شاهدٌ |
جوايَ وإن كانت شهادة َ غائبِ |
و ليتَ بساط الأرض بيني وبينه |
طوته على الأعضادِ أيدي الركائبِ |
فعجبتُ عليه واقفاً فمسلما |
و إن هوَ يفقهْ حديثَ المخاطبِ |
و ليتَ طريفَ الودّ بيني وبينه |
و إن طابَ يوماً لم يكن من مكاسبي |
سلامٌ على الأفراح بعدك إنها |
و إن عشتُ ليست إربة ً من مآربي |
إذا دنس الحزنَ السلوُّ غسلتهُ |
فعاد جديدا بالدموعِ السواكبِ |
و إن أحدثتْ عندي يدُ الدهرِ نعمة ً |
ذكرتك فيها فاغتدتْ من مصائبي |
أداري عيونَ الشامتين تجلدا |
و أبسمُ منهم في الوجوهِ القواطبِ |
أريهم بأني ثابتُ الريش ناهضٌ |
و تحت جناحي جانفاتُ المخالبِ |
سقتكَ بمعتادِ الدموع مرشة ً |
أفاويقُ لم تخدج بلمعة ِ خالبِ |
يلوث خطافُ البرقِ في جنباتها |
بهامِ الهضابِ السودِ حمرَ العصائبِ |
لها فوق متنِ الأرض وهي رفيقة ٌ |
بما صافحت وخدُ القرومِ المصاعبِ |
ترى كلَّ تربٍ كان يعتاضُ ليناً |
لها وغلاماً كلَّ أشمطَ شائبِ |
إذا عممتْ جلحاءُ أرضٍ بوبلها |
غدتْ روضة ً وفراءَ ذات ذوائبِ |
و إن كان بحرٌ في ضريحك غانيا |
بجماتهِ عن قاطراتِ السحائبِ |