جوى ً ساورَ الأحشاءَ والقلبَ واغلهْ |
ودمعٌ يضيمُ العينَ والجفنَ هاملُهْ |
وفاجعٌ موتٍ لا عدواً يخافهُ |
فيبقي ولا يبقي صديقاً يجاملهْ |
وأيُّ أخي عزاءَ أو جبرية ٍ |
يُنَابذُه أَوْ رَامٍ يُنَاضِلُهْ |
إذا ما جرى مجرى دمِ المرءِ حكمُهُ |
وبُثَّتْ على طُرْقِ النُّفُوسِ حَبَائِلُهْ |
فَلَوْ شَاءَ هذا الدَّهْرُ أقصَرَ شَرُّهُ |
كَما قَصُرَتْ عنَّا لُهَاهُ ونَائِلُهْ |
سنشكوهِ إعلاناً وسراً ونية ً |
شَكِيَّة مَنْ لا يَسْتطِيعُ يُقَاتِلُهْ |
فمنْ مبلغٌ عني ربيعة َ أنَّه |
تقشَّعَ طَلُّ الجُودِ مِنْها ووَابِلُهْ |
وأنَّ الحجى منها استطارتْ صدوعُه |
وأنَّ الندى منها أصيبتْ مقاتلُهْ ؟ |
مَضَى لِلزيَالِ القَاسِمُ الوَاهِبُ اللُّهَى |
ولَوْ لمْ يُزَايِلْنا لَكُنَّا نُزَايِلُهْ |
ولم يَعلَمُوا أَنَّ الزَّمانَ يُرِيدُه |
بفجعٍ ولا أنَّ المنايا تراسلُهْ |
فتى سيطَ حبُّ المكرماتِ بلحمهِ |
وخامرَه حقُّ السماح وباطلهْ |
فتى لمْ يذقْ سكرَ الشبابِ ولم تكنْ |
تَهُبُّ شَمالاً لِلصَّديقِ شَمائِلُهْ |
فَتًى جَاءَهُ مِقدَارُهُ واثنَتا العُلا |
يداهُ وعشرُ المكرماتِ أنامِلُهْ |
فَتًى يَنْفَجُ الأقوامُ مِن طيبِ ذِكرِهِ |
ثناءً كأنّ العنبر الوردَ شاملهْ |
لقد فجعتْ عتابُهُ وزهيرهُ |
وتغلبهُ أخرى الليالي ووائلهْ |
وكانَ لهمْ غَيْثاً وعِلْماً فمُعْدِمٍ |
فيسأله أوْ باحثٍ فيسائلهُ |
ومُبْتَدرُ المَعْرُوفِ تَسْرِي هِبَاتُه |
إليهمْ ولاتَسري إليهم غَوائِلُهْ |
فتى لم تكنْ تغلي الحقودُ بصدرِهِ |
وتغلي لأضيافِ الشتاء مراجلُهْ |
مَلِيكٌ لأِمْلاَكٍ تُضيفُ ضُيُوفُه |
ويُرْجَى مُرَجيه ويُسْأَلُ سَائِلُهْ |
طَوَاهُ الرَّدَى طَيَّ الكِتابِ وغُيبَتْ |
فضائلهُ عن قومِه وفواضلُهْ |
طوَى شِيَماً كانَتْ تَرُوحُ وتَغتدِي |
وسَائلَ مَنْ أعيَتْ عليهِ وسَائِلُهْ |
فيا عارضاً للعرفِ أقلعَ مزنُه |
ويا وادياً للجودِ جفَّتْ مسائلُهْ |
أَلَمْ تَرَني أنزَفْتُ عَيْني على أبي |
مُحَمّدٍ النَّجمِ المُشَرقِ آفِلُهْ |
وأخْضَلْتُها فيهِ كما لَوْ أتَيْتُه |
طريدَ الليالي أخضلتني نوافلهْ ! |
ولكنَّني أُطْري الحُسَامَ إِذَا مَضَى |
وإِنْ كانَ يومَ الرَّوْعِ غيريَ حامِلُهْ! |
وآسَى على جَيْحانَ إِذْ غاضَ مَاؤُه |
وإنْ كانَ ذوداً غير ذودي ناهِلهْ |
عليكَ أَبَا كُلْثُومٍ الصَّبْرَ إِنَّني |
أرى الصبرَ أخراهُ تقى وأوائلهً |
تَعَادَلَ وَزْناً كلُّ شيءٍ ولا أرى |
سِوَى صِحَّة ِ التًّوْحِيدِ شيئاً يُعَادِلُهْ |
فأنتَ سَنَامٌ للفخارِ وغارِبٌ |
وصِنْوَاكَ مِنْهُ مِنْكَبَاهُ وكاهِلُهْ |
وليستْ أثافي القدرِ إلا ثلاثُها |
ولا الرَّمْحُ إلاّ لَهْذَمَاهُ وعامِلُهْ |