أغشُّ بآمالي كأنيَ أنصحُ |
و أبقى َ لأشقى َ بالبقاء وأفرحُ |
و أصبو إلى وجهٍ من الدهر مسفرٍ |
ضحوكٍ ووجهي في الخمار مكلحُ |
و يعجبني إملاء يومٍ وليلة ٍ |
و ما الموتُ إلا غابقٌ أو مصبحُ |
مطلتُ بديني والغريمُ مصممُ |
و أحسنتُ ظني والمسيءُ مصرحُ |
تدمى المنايا الناسَ حولي وإنما |
دمي ذاك في أثوابهم يتنضحُ |
و أسلو إذا أبصرتُ جلديَ أملسا |
و ما صحة ٌ في الجلدِ والقلبُ يجرحُ |
إذا مرَّ يستقري من الهالكُ الردي |
يميلُ في أبنائه ويرجحُ |
تطامنتُ أرجو أن أفوتَ لحاظه |
فأخفي وعينُ الموت زرقاءُ تلمحُ |
و قد غرني ليلُ الشباب فأين بي |
أضلَّ وفجرُ الشيب عريانُ مصبحُ |
و أقرب شيء من قضيبٍ جفوفهُ |
إذا الورقاتُ الخضرُ ظلتْ تصوحُ |
تتيمَ بالعمرِ الجذاعُ وخانهم |
فما ليَ أرجو وده حين أنزحُ |
و قد كان قدامى مدى منه يرتجى |
هو اليومَ ملقى ً من ورائيَ يطرحُ |
حسوتُ بمرَّ الدهر حبا لحلوه |
فطورا يصفى لي وطورا يصبحُ |
إذا برني في صاحبٍ بزَّ صاحبا |
أغنى بشعري تارة ً وأنوحُ |
أبيحُ الترابَ أوجها كان مسخطي |
على الشمس منها الساهمُ المتلوحُ |
و أحثو بكفيّ أو أشقُّ حفيرة ً |
يهال على قلبي ثراها ويصرخُ |
ترى الحق مطروفا وتعشى لواحظٌ |
يراقصها هذا السرابُ الملوحُ |
يودُّ الفتى أن البسيطة َ دارهُ |
و ما فوقها مالٌ عليه يروحُ |
و سيعة ُ بطنٍ جلَّ ما هو محرزٌ |
و مطرحُ جنبٍ جهدَ ما يتفسحُ |
تبايعنا الدنيا منى ً بنفوسنا |
فتوكسُ غبنا والمبايع مصلحُ |
فلا نحن من فرط الخسارة ِ نرعوي |
و لا هي ترضى فرطَ ما هي تربحُ |
فما لكِ يا دنيا وأنتِ بطينة ٌ |
و نحن خماصٌ تبخلين ونسمحُ |
ألا طرقتْ لا يملأ الليلُ صدرها |
و لا تتحاشى صارخا حين تصبحُ |
مغلغلة ً لا طودَ يعصمُ ما ارتقت |
و لا موئلٌ من حيث تهبطُ أبطحُ |
وصولاً إلى البيت الذي تستضيفه |
و لا موقدٌ يوري ولا كلبَ ينبحُ |
لها من قرى ما استصلحتْ وتخيرتْ |
حشايا توطى أو صفايا تذبحُ |
أصابت صريحَ المجد من حيث ينتمي |
و غضت لحاظَ الفضل من حيث تطمحُ |
و حلت فحكت بركها من محمدٍ |
بجانب ركنٍ لم يكن قبلُ ينطحُ |
قويمٍ على عرك الخطوب فما له |
و قد زحمته زحمة ٌ يتطوحُ |
سلا مقعصَ الأقران من أيَّ طعنة ٍ |
تقطرَّ عن ظهر الكفاية يطرحُ |
و قاطعِ مثناة ِ الحبال حرانهُ |
بأيّ زمامٍ قيدَ يعنو ويسمحُ |
و من هزَّ من بين الوسائد طودهُ |
و في دسته ثهلانُ لا يتزحزحُ |
و قولا وإن لم يخرق التربَ صائحٌ |
إليه ولم يفهم صدى الأرض موضحُ |
أبا حسنٍ أما الرجاءُ فخائب |
و أما الرجا فيما نعاك فمنجحُ |
حملتُ الرزايا جازعا ثمّ صابرا |
على ذاك حسنُ الصبر بعدك يقبحُ |
و واصلتُ من أحببتُ ثم فقدتهُ |
فما نازلٌ إلا وفقدك أبرحُ |
ذكرتك إذ غصّ النديُّ فلم يشرْ |
نصيحٌ ولم ينطق لسانٌ مفصحُ |
و لا أضمرتْ صدقا معاقدُ حبوة ٍ |
جثا بفخارٍ ربها يتبجحُ |
و قد غاض بحرٌ كان فكرك مده |
و أرتجَ بابٌ كان في فيك يفتحُ |
و قد جاء نجمٌ من جمادى بليلة ٍ |
بليلٍ يريك الطولُ أن ليس تصبحُ |
يسائلُ عن أطناب بيتك ضيفها |
ردائدَ خطفِ البرقِ فيما تلوحُ |
تعيفَ طيرا بارحاتٍ يسرنهُ |
بفقدك قد كانت ميامينَ تسنحُ |
فبات صعيدُ الأرضِ والريحُ زادهُ |
شقياً بما يستافُ أو يتنقحُ |
بليلة بؤسٍ فات معتامها القرى |
كما فاتها منك المصلى المسبحُ |
و للأمر كنتَ الليثَ إما حفظتهُ |
تعاوتْ تعاطاه ثعالبُ تضبحُ |
رعى بعدك الشقُّ الذي كنت حامياً |
له وعتا الخرقُ الذي كنت تنصحُ |
و خلى َ للعجز التنافسُ واستوى |
على الجهل سرحٌ سائمٌ ومسرحُ |
و قام رجالٌ كان فضلك مقعدا |
لهم فتراءوا للعلا وترشحوا |
بلا عائبٍ تزري على سيئاتهم |
محاسنهُ والنقصُ بالفضل يفضحُ |
لئن حرصوا فيما عمرت تعافهُ |
فربتَ ساعٍ للدنية يكدحُ |
تمالوا على ما كنتَ تأباه أوحداً |
و منوا بما استضعفته وتمدحوا |
و ما ازدحموا أن القذى بعدك انجلى |
عن الماء لكن يشربون وتقمحُ |
فداكَ وهل حيٌّ فداءٌ لميتٍ |
قصيرُ الخطا يكبو بما كنتَ تجمح |
تعجبَ لما ساد من حظَّ نفسه |
و قد يدرك الجدُّ الدنيَّ فيفلحُ |
و لما رأيتَ الدهرَ ضاقت ضلوعهُ |
بحملك وهي للئام تفسحُ |
أنفتَ من الدنيا الذليلة ِ عارفا |
إذا عيشة ٌ ضامتك فالموت أروحُ |
و ذكرنيك الودُّ أحليتَ طعمه |
و أصفيتَ فهو الآن يقذي ويملحُ |
ضربتُ عن الإخوان صفحا مؤملا |
بأن الردى لي عنك وحدك يصفحُ |
و أغنيتني وداً ورفدا بحاجة ٍ |
من اليوم ما أرتادُ أو أتمنحُ |
أعلل نفسي عنك لو أن مسقما |
يفيق بنوعٍ من جوى ً أو يصبحُ |
و أرقعُ أيامي أروم صلاحها |
و قد فسد العيشُ الذي كنت تصلحُ |
سألتُ بك الأيام أرجو مسرة ً |
فلما أبت إلا التي هي اترحُ |
ضحكتُ إلى ناعيك أحسب أنه |
و قد جدَّ إكبارا ليومك يمزحُ |
عفا ربعُ أنسي منك ضيقا وما عفا |
بساحة ِ قلبي منزلٌ لك أفيحُ |
به ساكنٌ من طيبِ عهدك عامرٌ |
يريح عزيبَ الحزن من حيث يسرحُ |
إذا ذبلت فيه على الصبر جمرة ٌ |
خمودا ورى زندٌ من الذكر يقدحُ |
و ذاك اللسانُ الرطبُ لا زال في فمي |
هو اليومَ يرثي مثله أمس يمدحُ |
يقول وإن لم يغنِ عنك وإنما |
ملأتَ إناءً نعمة ً فهو يرشحُ |
و لو ردَّ قبلي الموتُ بالشعر أو مضى |
شبا لسنٍ أو عاش في الدهر مفصحُ |
نجا لائذا بالعزّ في غير قومه |
و قد سبق الناسَ الغريبُ المقرحُ |
و مستنزلُ النعمان عن سطواته |
ينتقي من عذرة ٍ وينقحُ |
و عروة ُ لم يصغِ الردى لنسيبه |
و لم يعطَ في قيسٍ مناه الملوحُ |
و غير غيلانُ المهاري بعنسهِ |
فلم تنجه من عدوة الموتِ صيدحُ |
و لكنه شرطُ الوفاء وغمة ٌ |
على الصدر باستخراجها أتروحُ |
ذممتُ فؤادي فيك والحزنُ محرقٌ |
و عاتبتُ جفنَ العين والدمعُ مقرحُ |
و ما عجبٌ للدمع أن ذلَّ عزه |
فما جمّ إلا أنه لك ينزحُ |
و أقسمُ ما جازاك قلبٌ بما طوى |
غليلا ولا قولٌ يطولُ فنشرحُ |
و لا كان في حكم الوثيقة أن أرى |
عليك الثرى كلاَّ وجسميَ ريحُ |
و ما أنا إلا قاعدٌ عن فضيلة ٍ |
إذا قمتُ فيها مائلا أترنحُ |
سقاك وإن كان الثرى بك غانيا |
عن السحب غادٍ بالحيا متروحُ |
حمولٌ لماء المزن تطفو لصوبه |
فواغرُ أفواهِ الجواءِ فتطفحُ |
إذا خار ضعفا أو تراخى حدتْ به |
مواقرُ من نوءِ السماكين دلحُ |
يجفلُ طردُ الريح فيها كأنها |
سفينٌ جوارٍ أو مراسيلُ جنحُ |
شجاعٌ كأنتَ أو جوادٌ بمائه |
فإن عاقه ضنٌّ فعينيَ تسفحُ |
ليعلمَ قبرٌ بالمدينة أنني |
من الغيثِ أوفيَ أو من الغيثِ أسمحُ |