لقد شغلتني دون شكركم البشرى |
فلا تنكروا إن كنت لم أجمل الشكرا |
فما أحسنت حق الوفاء مسرتي |
ولكن عساها أحسنت عندي العذرا |
علي لكم حمد على عظم منة |
تعذر عندي أن أقابلها قدرا |
وفضل هو البحر الذي بت غارقاً |
به غير أني اصطدت من جوفه الدرا |
فيا ليت لي في كل عضو صحبته |
لساناً ولي في كل جارحة فكرا |
لأنشر طيب الحمد من كل منطق |
ومن كل فكر أنشيء النظم والنثرا |
وبي أخوة لا والدي كان والدا |
لهم لا ولا أمي بهم شغلت حجرا |
إخاء حلا حتى ظننت كؤوسه |
هي الشهد ما بين القلوب له مجرى |
أبر الورى بعضاً ببعض طوية |
وأوثقهم وداً وأبعدهم غدرا |
دعتني بالالحاح نفسي نحوهم |
فقلت لها صبراً فلم تستطع صبرا |
فما برحت مشتاقة للقائهم |
على خبر حتى أحاطت بهم خبرا |
فألفت رجالاً بالكمال تزينوا |
وباللطف والآداب والشيم الغرا |
أجل الورى فضلاً وأجملهم ذكرا |
واطولهم باعاً وأوسعهم صدرا |
عصابة أهل النور في كل معشر |
بكل بلاد أشبهوا الأنجم الزهرا |
فيا عين قرى بالمنى بين أخوة |
أصبت بهم في كل نائبة ذخرا |
ويا نفس ما للدهر فوقك من يد |
أزاء أياد لم تكن ترهب الدهرا |
ودونك حسن الجهد في كل غاية |
ينالك فيها البؤس أو تبلغي أمرا |
ولا تجنحي نحو التراخي إذا بدت |
شدائد هذا الدهر قاذفة ذعرا |
ويا من أرى نفسي سعيدا لديهم |
ومن أنا لا أسطيع من دونهم نصرا |
أتيت إليكم رغبة في إخائكم |
وأخلصتكم من ودي السر والجهرا |
وإني كما تهوون لا متهاوناً |
ولا سائلاً فيما أكلفه أجرا |
ولكنني أبغي الوفاء بأنني |
نسبت إليكم واشتددت بكم أزرا |
تركت لغيري الذل والرق في الورى |
وأصبحت معتزاً أمامكم حرا |