أَبالبارقِ النَّجديِّ طرفُك مُولَعُ |
يُخُبُّ على الآفاقِ طَوراً ويُوضِعُ؟ |
ولمّا أرادَ الحيُّ أنْ يَتَحمَّلوا |
ولم يبقَ لي في لُبْثَة ِ الحيِّ مَطمعُ |
جَرتْ لي حياتي من جفوني صَبابة ً |
وظن الغبي أنما هي أدمعُ |
فليت المطايا إذ حملن لنا الهوى |
حُدِينَ عَشيّاً وهْيَ حَسْرَى وظُلَّعُ |
فإن لم يكونوا أنذروا بفراقهم |
وفاجأنا منه الرواء المروعُ |
فقد صاحَ قبلَ البينِ لي بفراقِهمْ |
غرابٌ على فرعِ الأراكة أبقعُ |
سلامٌ على ملكِ الملوك يقودُه |
وليٌّ يناجي بالتَّحايا فيُسمِعُ |
مقيمٌ على دار الحفاظ وطالما |
تَناسى رجالٌ للحِفاظ فضيَّعوا |
وأنتَ الذي فُتَّ الملوكَ فكلُّهمْ |
خلالَكَ يَنْحو أو طريقَك يتبعُ |
فمالك إلا في السماء معرسٌ |
وما لك إلاّ مَضجَعَ الشَّمسِ مَضجعُ |
فإنْ يك قومٌ لم يَضُرُّوا ويَنْفعوا |
فإنَّك فينا قد تضرُّ وتنفعُ |
وإنَّك من قومٍ كأنَّ وجوهَهمْ |
كواكبُ في ليلِ المعارك تطلُعُ |
تُساعي لهمْ نحو العليّاتِ أرجُلٌ |
وتبسط منهم في الملمات أذرعُ |
وما امتقعت ألوانهم في شديدة ٍ |
تهاب ولون اليوم لونٌ مولّعُ |
شفاهُهُمُ من كلِّ عَوْراءَ قفرَة ٌ |
ودارُهُمُ من كلِّ شَنعاءَ بَلقَعُ |
وأيديهم تجري إذا جمد الحيا |
على المُعتفين بالعطايا وتَهمعُ |
سراع إلى داعي الصريخ شجاعة |
وفي كلّ كفّ منهم البيض تلمعُ |
فإن طعنوا يوم الكريهة أوسعوا |
وإنْ أَطعموا عند المجاعة ِ أشبعوا |
وإنْ وُزِنوا كانوا الجبالَ رزانة ً |
وكم طائش منهم إلى الموت مسرعُ |
فما فيهم إلا همامٌ مرفعٌ |
بحيث الثريا أو غلامٌ مشيعُ |
وكم لك في يوم شهدتَ به الوغى |
وما لكَ إلاّ الضّربَ والطّعنَ أدرُعُ |
وفي كفِّكَ العَضبُ اليمانيُّ قاطعاً |
وما كلُّ سيفٍ كان في الكفِّ يقطعُ |
وأنت على رخو العنان كأنه |
منَ الضُّمْرِ طاوٍ ليس يروي ويَشبعُ |
وليسترى إلا الأسنة رعفاً |
وبيض الظّبا ماء الترائب تكرعُ |
وقد علموا لمّا سرى البغي فيهمُ |
وطارتْ بهمْ نكباءُ للغدرِ زَعْزَعُ |
ولم تر إلا شمل عقد مفرقاً |
وإلا عهوداً منهم تتقطعُ |
وقد حالَ منهمْ كلُّ شيءٍ عهدتَه |
فأحفظُ منهمْ للذِّمامِ المضيِّعُ |
بأنَّكَ رُضتَ الحِلْمَ حتّى لبِستَهُ |
شعاراً ولكن ليس ينضى ويخلعُ |
وعاد الذي قد كان بالأمس شامساً |
عليك مطيعاً وهو عودٌ موقعُ |
فلا انتيشَ من غمائِها المتروِّعُ |
وراموا الذي لا يرتضى وتولعوا |
أطرتهم تحت السنابك في الثرى |
كما طارَ بالبيداءِ زِقٌّ مُزَعْزَعُ |
فلم يلق منهم بعد ذلك سامعٌ |
ولم يبق منهم بعد ذلك مسمعُ |
قنعت بحظى منك ذخراً أعدهّ |
ولست بشئ يقنع الناس أقنعُ |
فماليَ إلاّ تحتَ ظِلِّكَ مَوئلٌ |
ولا ليَ إلاّ في رياضك مَرْتَع |
ولا كان لي إلاّ عليك إقامة ٌ |
ولاكان لي إلا بربعك مربعُ |
ولا قيَّضَ اللهُ التفرُّقَ عنكمُ |
ولا عَنَّ نأيٌ بَيْنَنا وتَصدُّعُ |
فلو أنني ودعتكم يومَ فرقة ٍ |
لما كدتُ إلاّ للحياة ِ أودِّعُ |
وإما تكونوا لي وفي طيّ قبضتي |
فلست بشئٍ غيركم أتطلعُ |
وإن كنتم لي ناصرين على العدا |
فما إنْ أُبالي فرِّقوا أو تجمَّعوا |
وودي لكم لا يستفيق ضمانة ً |
وما كنتُ إلاّ بالذي زانَ أولعُ |
يُعنِّفُني قومٌ بأنِّي أُطيعُكمْ |
ولم يرضِكمْ إلاّ الذي هُو أطوعُ |
ولم يلحني في نصحكم غير كاشحٍ |
وإِلاَّ امرؤٌ في الغِشّ بالغيبِ مولَعُ |
ولو أنصفوا لم يعذِلونيَ في هوى ً |
لقلبي لا يلوى ولاهو ينزع |
وقد زعزعوا لكن لمن ليس ينثنى |
وقد هددوا لكن لمن ليس يفزعُ |
وكم رَمْيَة ٍ لم تُصْمِ ممَّن رَمى بها |
وكم قَولة ٍ من قائلٍ ليس تُسمَعُ |
فإنَّ خِطاراً أنْ تُهيجوا مُفوَّهاً |
له كلم تفري البلاد وتقطع |
وما ضرَّني أنّي قُذفتُ بباطلٍ |
وما زلتُ عُمْرَ الدهرِ بالحقِّ أصدَعُ |
وما راعني ذاك الذي روعوا به |
فلا انتيش من غمائمها المتروعُ |
وإمّا نبا بي أجْرَعٌ فاجتويتُهُ |
فلي دونه منا من الله أجرعُ |
فدونَكما فيها مَعانٍ سترتُها |
وأنت عليها دون غيرك أوقعُ |
ولم يكنِ التَّعويضُ مِنِّيَ خِيفة ً |
ولكنني ما اسطعت للشر أدفعُ |
وكم ليَ في مدحي لكُمْ من قصائدٍ |
لهنَّ على الآفاقِ في الأرض مَطْلَعُ |
وهنيت هذا العيد وابق لمثله |
وأنف الذي يبغي لك السوء أجدعُ |
تروح وتغدو في الزمان محكماً |
على النّاس تعطى من تشاء وتمنعُ |
وغصنك لا يذوي مدا الدهر كلّه |
وركنك لا يبلى ولا يتضعضعُ |