قرّبت للنور المشع عيوني |
و رفعت للّهب الأحمّ جبيني |
و مشيت في الوادي يمزّق صخره |
قدمي، و تدمي الشّائكات يميني |
و عدوت نحو الماء و هو مقاربي |
فنأى و ردّ إلى السراب ظنوني |
و بدت لعيني في السّماء غمامة |
فوقفت، فارتدّت هنالك دوني |
و أصخت للنسمات و هي هوازج |
فسمعت قصف العاصف المجنون |
يا صبح : ما للشّمس غير مضيئة |
يا ليل : ما للنّجم غير مبين؟ |
يا نار : ما للنار بين جوانحي |
يا نور : أين النّور ملء جفوني؟ |
ذهب الّهار بحيرتي و كآبتي |
و أتى المساء بأدمعي و شجوني |
حتى الطّبيعة أعرضت و تصاممت |
و تنكّرت للهارب المسكين !! |
*** |
|
أن لم يكن لي من حنانك موئل |
فلمن أبثّ ضراعتي و حنيني؟ |
آثرت لي عيش الأسير فلم أطق |
صبرا و جنّ من الأسار جنوني |
فأعدتني طلق الجناح و خلت بي |
للنّور جنّة عاشق مفتون |
ة أشرت لي نحو السّماء فلم أطر |
ورددت عين الطائر المسجون |
نسي السّماء و بات يجهل عالما |
ألقى الحجاب عليه أسر سنين |
و لقد مضى عهد التّنقل و انتهى |
زمني إليك بصبوتي و فتوني |
لم ألق بعدك ما يشوق نواظري |
عند الرّياض ، فليس ما يصبيني |
فهتفت أستوحي قديم ملاحني |
فتهدّجت و تعثّرت بأنيني |
و نزلت أستذري الظلال فعقّني |
حتّى الغصون غدون غير غصون |
فرجعت للوكر القديم و بي أسى |
يطغى عليّ و ذلة تعروني |
لما رأته غرورقت عيناي من |
ألم ، و ضجّ القلب بعد سكون |
و مضت بي الذّكرى فرحت مكذبا |
عيني ، و متّهما لديه يقيني |
و صحوت من خبل و بي مما أرى |
إطراق مكتئب و صمت حزين |
فافتح لي الباب الذي أغلقته |
دوني ، و هات القيد غير ضنين |
دعني أروّ القلب من خمر الرّضى |
و أنم على فجر الحنان عيوني |
و أعد إلى أسر الصّبابة هاربا |
قد آب من سفر اللّيالي الجون |
عاف الحياة على نواك طليقة |
و أتاك ينشدها بعين سجين !! |