ثملتُ بشدوِكَ يا بُلبُلُ |
وَكَيف بشدوكَ لا أَثملُ |
أَعدتَ إِلى القَلبِ ذكرى الجَمالِ |
فَأَنتَ بِتِذكارِهِ أَجمَلُ |
نَقَلتَ إِلى مَسمَعي صَوتَ حُبّي |
نَعمتَ وَنِعمَ الَّذي تنقلُ |
كَأَنَّكَ أُرسَلتَ تَلعبُ دَوراً |
جَميلاً بِقَلبيَ يا مُرسَلُ |
تَنقَّل تَنَقَّل عَلى الغُصنِ وَاِرفَل |
فَشدوُكَ في مُهجَتي يرفَلُ |
فَعَمّا قَريبٍ ستارُ حَياتي |
عَلى كُلِّ ما مَرَّ بي يُسدَلُ |
وَلكِن غَداً حينَ أُمسي رفاتاً |
وَيَحجبُني قَبرِيَ المُقفَلُ |
تَعالَ فَتَلفي فُؤاديَ حَيّاً |
كَزَهرَة توتنخَ لا يَذبلُ |
تَعالَ وَأَنشِد قَليلاً فَإِنّي |
عَلى رُغمِ ما حلَّ بي أَجزَلُ |
فَصَوتُكَ شِعرٌ يَجولُ بِفِكريَ |
موحى مِنَ اللَهِ أَو مُنزَلُ |
تَعالَ تَجِد فَوقَ قَبرِيَ صَخراً |
كَهَمّي الثَقيلِ الَّذي أَحملُ |
وَصَفصافَةً تَنحَني تارَةً |
وَطوراً تُلاعِبُها الشمألُ |
وَبِالقُربِ من ذلِكَ القَبرِ وادٍ |
رَهيبٌ تخلَّلَهُ جَدولُ |
تمرُّ عَلَيهِ السُنونو عجالى |
وَمن مرَّ كَالطَيرِ يُستَعجلُ |
فَهذي الطُيورُ كَأَفراح قَلبي |
تَطيرُ سِراعاً وَلا تَمهلُ |
وَيخلفها الأَلَمُ المُستَزيدُ |
فَيَفعَلُ في الصَدرِ ما يفعَلُ |
تَعالَ غَداً حينَ أَمسي وَحيداً |
وَزَرنيَ زَورَةَ مَن يَسأَلُ |
وَأَسمَع فُؤاديَ لَحناً شجيّاً |
فَيَحيا بِهِ حبُّهُ الأَوَّلُ |