طرِبْتُ إلى خـمْـرٍ، وقَـصْـفِ الدسـاكرِ، |
و منزلِ دُهْـقـانَ بها غيرِدائـرِ |
بفـتيـانِ صِـدْقٍ من سَـرَاة ِ ابنِ مـالِـكٍ |
وأزد عُـمــانٍ ذي العُـلَى والمفاخِـرِ |
فلمّا حلَلْنَاهَا نزَلْنا بأشمطٍ، |
كريمِ المحيّا، ظاهرِ الشرْكِ، كافرِ |
له دِينُ قِـسّيـسٍ ، وتدبيرُ كاتـِـبٍ ، |
وإطْرَاقُ جَبّارٍ، وألْفاظُ شاعِرِ |
فحيّا وبيّا، ثمّ قال لنا: اربعوا! |
نزلتُمْ بنا رحْباً بأيْمنِ طائرِ |
فقلنا له: إنّ المدامَ غذاؤنَا |
وإنّا أُولُو عقلٍ، وأهْلُ بصائرِ! |
فجــاءَ بها قد أنهكَ الغَمْوُ جسمَها، |
وأوْجعَها في الصّيْفِ حرُّ الهواجِرِ |
فـقلتُ لها لمّـا أضاءَ سـناؤهَــا |
على صَحْنِ كأسٍ قد علا الكفَّ زاهرِ: |
أبيني لنا يا خمرُ! كمْ لكِ حجّة ً؟ |
فقـالت: لَحَاكَ اللهُ ! لستُ بـــذاكِــرِ |
شهِدتُ ثموداً حينَ حلّ بها البِلى ، |
وأدركت أيّـاماً لعمـْـرِوبن عـامـرِ ! |
فقلنا: أنُسْقاها على وجْهِ أهْيَفٍ |
له تِيـهُ معـشـوقٍ وشَخْـرَة ُ شــاطرِ ؟ ! |
فما زالَ هذا دأبَنا وغــذاءَنـــا ، |
ثلاثينَ يوْماً معْ ليالٍ غوابِرِ |
ترى عنـدنـا مـا يكـره الله كلّـهُ ، |
سوى الشّرْكِ بالرّحمنِ، ربّ المشاعرِ |