الليل غشا الدنيا أم الأفق مسود |
أم الفتنة الظلماء قد أقبلت تعدو |
أم السرج النجدية الزهر أطفئت |
فأظلمت الآفاق إذ أظلمت نجد |
نعم كورت شمس الهدى وبدا الردى |
وضعضع ركن للهدى فهو منهد |
لدن بالسمحاء خطب فأوحشت |
مساكنها وازور عيش بها رغد |
تفرق اهلوها وسل على الهدى |
سيوف على هامات أنصاره تشدو |
وفل حسام الدين بل ثل عرشه |
لدن غاب من آفاقه الطالع السعد |
بأيدي غواة مفسدين لقد عثوا |
وجاسوا خلال الدار وانتثر العقد |
قضاء من الرحمن جار بحكمه |
ولله من قبل الأمور ومن بعد |
فآه لها من وقعة طار ذكرها |
وكادت تميد الراسيات وتنهد |
وفاضت دموع كالعقيق لما جرى |
وكادت لعظم الخطب تنصدع الكبد |
وقد اقذع البصري في ذم شيخنا |
وأنصاره تبا لما قاله الوغد |
أيهجو إماما هاديا أرشد الورى |
إلى منهج التوحيد فاتضح الرشد |
وبصرهم نهج المحبة فاهتدوا |
وآبو إلى السلام من بعد أن صدوا |
سقى روحه الرحمن وابل رحمة |
وعم هتون العفو من ضمه اللحد |
وأبناؤه العز الكرام قد اقتفوا |
محجته المثلى وفي نصرها جدوا |
فكانوا إلى التوحيد يدعون دأبهم |
فكم قد أفادوا من يروح ومن يغدو |
وكم سنة أحيوا وكم بدعة نفوا |
وكم شبهة جلوا وأبوابها سدوا |
وكم فتنة جلت فجلوا ظلامها |
بنور الهدى حتى استبان لنا الرشد |
ومهما ذكرت الحي من آل مقرن |
تهلل وجه الفخر وابتسم المجد |
هموا نصروا الإسلام بالبيض والقنا |
فهم للعدى حتف وهم للهدى جند |
غطارفة ما إن ينال فخارهم |
ومعشر صدق فيهم الجد والحد |
وهم أبحر في الجود أن ذكر الندى |
وإن أشعلت نار الوغى فهم الأسد |
فكم مسجد قد أسسوه على التقى |
وكم مشهد للشرك بنيانه هدوا |
بهم أمن الله البلاد وأهلها |
فهم دون ما يخشونه الردم والسد |
فلما مضت تلك العصابة لم يقم |
بعد لهم من ضمة الشام والسند |
ولكن فشا فيها الزنى وبدا الخنا |
فلم تنكر الفحشا ولم يقم الحد |
فكم فتنة عمت وكم طل من ندم |
حرام وكم ضلت عصائب وارتدوا |
وكم قطع السبل البوادي وأفسدوا |
فصاروا بها مثل الذئاب التي تعدوا |
فإن كان هذا عنده الدين والهدى |
فقد فتحت للدين أعينه الرمد |
فشكرا بني الإسلام قدر ربنا |
لكم كرة من بعد أن بئس اللد |
وأقسم قوم أنها دولة مضت |
وليس لما قد فات عود ولا رد |
وقلنا لهم نصر الإله لحزبه |
به جاء في القرآن والسنة الوعد |
فعادت كما كانت بفضل ورحمة |
من الله مولانا له الشكر والحمد |
فهذا إمام المسلمين مؤيدا |
له النصر والإقبال والحل والعقد |
علينا دعاء الله سرا وجهرة |
له وله منا النصيحة والود |
وصل إله العالمين مسلما |
على المصطفى ما حن في سحبها الرعد |
كذا إله العز الكرام وصحبه |
ومن لم يزل يقفو طريقتهم بعد |