من أين زرت خيالَ ذاتِ البرقعِ |
والرّكبُ سارٍ في جوانبِ بَلْقَعِ؟ |
كيف اهتديت ولاصوى ً لولا الهوى |
أغراك في جنحِ الظلامِ توضعي؟ |
ومنَ العجيبة أنْ يُلمَّ مُصحَّحٌ |
مادبّ فيه سقامه بالموجعِ |
في معشرٍ لهُمُ الثَّرى فُرُشٌ، ولمْ |
يَتَوسَّدوا غيرَ الطُّلَى والأذرُعِ |
سكنوا قليلاً بعد أن كانوا على |
طول الدجى من موجفٍ أو موضعِ |
وأصارهم طولُ السُّرى من غير أن |
عَرفوا الكلالَ إلى قوائمَ ظُلَّعِ |
خوص كأمثال القسى ّ ومالها |
يومَ الرِّماية ِ لامرىء من مِنْزَعِ |
لم تترك الرّوحات فوق ضلوعها |
وقد التَوَيْنَ بهنَّ غيرَ الأضلُعِ |
فكأنهن من البلى أشطانها |
أو أنسعٌ تمشي إليك بأنسعِ |
عجلان قد ولت عسا كره وقد |
همَّ الصَّباحُ ورأسُه لم يطلُعِ |
رقت غلائله لنا فكأنه |
للمبصرين إليه هامة ُ أنزعِ |
حيثُ النَّدى ثاوٍ بهِ لم يُفتَقَدْ |
والمجدُ مُعتنقٌ به لم يُنزَعِ |
والسؤوددُ الضّخمُ الخصمُّ وكلّما |
يرويك من بحرا لفخار المترعِ |
ولقد فخرتَ على الملوك جميعهم |
والطّعنُ يتركُ كلَّ بُرْدِ في الوغى |
ومحاسن لم يقطنوا بشعابها |
كلا ولا اجتازوا لهن باجرعِ |
وبلوتهمْ فسبَقَتَهمْ وفَرَعْتهمْ |
فضلاً وأيُّهم عُلا لم يفرعِ |
فإذا هُمُ قبِسوا إليك فمثلُ مَنْ |
قاسَ الذِّراعَ طويلة ً بالأذرُعِ |
للهِ دَرُّك في مقامٍ ضَيِّقٍ |
أبدلتَهُ بتفسُّحٍ وتوسُّعِ! |
بالضَّربِ في هامٍ هناك وأذرُعِ |
والطّعن في ثغر هناك وأضلعِ |
والخيلُ عادية ٌ بكلِّ مُخفَّفٍ |
عار من الجبن اللئيم مشيعِ |
ما ريعَ قطُّ ولم يكن في خُطَّة ٍ |
نكراءِ إلا كان عزَّ الاروعِ |
في غلمة ٍ نبذوا الفرار وهاجروا |
في مطمع العلياء كلِّ تودعِ |
متهجمين ولاتَ حين تهجمٍ |
متسرِّعينَ ولاتَ حينَ تسرُّعِ |
لامطعمٌ إلاّ الجميلُ ومالهمْ في |
حيث لا يرد الفتى من مكرعِ |
حتى رددت الموت عنا مخيباً |
مانالَ منْيَتَهُ بأنفٍ أجدَعِ |
وأنا الذي لمّا اشتكيت موكلٌ |
بي كلُّ أدوءِ الورى لم تقلعِ |
ومزعزعٌ تشكو حشاهُ خِيفة ً |
ومروعٌ تجري حذاراً أدمعي |
ومذ اشتكيتَ فبالحضيضِ مُعَرَّسي |
وعلى القَضيض تقلُّبي في مضجعي |
ولو أن أمرى نافذٌ في صحتي |
لبذلت منها كلّ مالي أو معي |
لامتعة ٌ لي بالذي لم تلفه |
وبأنْ كُفِيتَ -وإن دُهيتُ تمتُّعي |
ويهونُ عندي أنْ تكونَ مُصَحَّحاً |
ومنَ الضَّنى حِيكَتْ لجسمي أدرُعي |
وإذا صَحَحْتَ فكلُّ شيءٍ نافعي |
وإذا اعْتلَلْتَ فليس شيءٌ مُقنِعي |
حتى أتاح اللهُ الذي لم يشجنا |
إلا اجتياز لمام خطب مسرعِ |
مازارنا إلاّ كما زارَ الكرَى |
بالليل جفن الخائف المتروع |
ولقد رمَى الرّحمانُ في أوصالهِ |
لمّا أتَى بتبدُّدٍ وتَذَعْذُعِ |
وتقطُّعٍ لولا سعادُتك التي |
ملأت حريمك كان غير مقطعِ |
ولقد نفعت بأن ضررت وكم لنا |
نفعٌ يزورُ رباعَنا لم يَنفعِ |
ولو ألمعت على ضمير فيك لي |
أبصرتَ منهُ تقسُّمي وتروُّعي |
وبلابلاً شوهدن لولا أنني |
غطَّيتُها بتجمُّلي وتَصنُّعي |
فبأيِّ سِرٍّ ما رأيتَ كآبة ً |
أم أيُّ قلبٍ فيكَ لم يتطلَّعِ |
فاشكرْ جميلاً نلتَه ومُنِحْتَه |
فالشّكرُ رَبْطُ تفضُّلٍ وتبرُّعِ |
ولو أنني أعطي الخيارَ لكان في |
رَبْعٍ حَلَلْتَ تقلُّبي وتربُّعي |
واعتضت عندك من شبابٍ فاتني |
بمصايرٍ وأواصر لم تجمعِ |
وأخذتُ ثاراتي منَ الزَّمنِ الذي |
فإذا نطقتُ أبَى عليَّ تكلُّمي |
فأحقُّ بابٍ بابُك المعمورُ بي |
وعليه طولُ توقفي وتضرعي |
فهُوَ العَتادُ لآمنٍ أو خائفٍ |
إنْ زارَهُ وهُو المُرادُ لمُزمِعِ |
فمتى ألفتُ فمن فِنائك مألفي |
وإذا رتعتُ ففي رياضك مَرْتَعي |
ولوَ انَّ شملي باتَ مُلتفّاً بهِ |
ما كانَ شَمْلي قطُّ بالمتصدِّعِ |
وحللتُ عندكَ رُتْبة ً لاتُرتَقَى |
في خيرِ منزلة ٍ وأشرفِ موضعِ |
ولو استطعت نفضت كل إقامة في |
إلاّ على الكَنَفِ الرَّحيبِ الأوسَعِ |
في حيثُ لاتَسري الأذاة ُ بمضجعي |
طول الحياة ولا القذاة بمدمعي |
ولئنْ بَعُدتُ محلَّة ً فتقرُّبي |
بتوددي وتشوقي وتطلّعي |
ولقد دُعيتُ فما سمعتُ ولم يكنْ |
إلاّ نِداؤك وحدَه في مَسمعي |
فإذا نطقت أبى على ّ تكلمني |
وإذا جرعتُ أبَى عليَّ تجرُّعي |
يارافعَ الآدابِ رفِّعني إلى |
حيث اقتضاه تصعدي وترفعي |
لاتمزجنِّي بالذّين تراهمُ |
فالنبع ممزوجٌ بغير الخروع |
كم بين قولٍ فيالصدور وقولة ٍ |
هبت بها نكباء ريحٍ زعزعِ |
وإذا رضيت مقالتي فلهينٌ |
مَن صمَّ عنها مُعرِضاً لم يَسمعِ |
وإذا رضيت فضيلة لي لم أبل |
من نام عنها من عيون الهجَّع |
خُذها كما وَضَحَ النّهارُ لمبصرٍ |
وافترِّ روض غبَّ غيثٍ مقلعِ |
غرّاءَ تحسَبُها نجاحَ لُبانة ٍ |
هبت عليك من النواجي النسّعِ |
ومتى أرادَ رُواتُها طيّاً لها |
نمَّتْ على إحسانِها بتضَوُّعِ |
كم لي عليها من حسود شاعرٍ |
شَغَفاً بها أو من خطيبٍ مِصْقَعِ |
والشِّعرُ ماقُضِيَتْ حقوقٌ جَمَّة ٌ |
فيه لسامي الكبرياءِ سَمَيْدَعِ |
والخيرُ فيه إذا انزوى عن منكبٍ |
والشّرُّ فيه متى يقل في مطمعِ |
ولأنت أولى بالقريض من الورى |
وبطوقه وبتاجه المترصعِ |