عذْبة ٌ أنتِ كالطّفولة ِ، كالأحلامِ |
كاللّحنِ، كالصباحِ الجديدِ |
كالسَّماء الضَّحُوكِ كالليلة ِ القمراءِ |
كالورد، كابتسام الوليدِ |
يا لها من وَداعة ٍ وجمالٍ |
وشبابٍ مُنَعَّم أمْلُودِ! |
يا لها من طهارة ٍ، تبعثُ التقديـ |
ـسَ في مهجة الشَّقيِّ العنيدِ!.. |
يالها رقَّة ً تكادُ يَرفُّ الوَرْ |
دُ منها في الصخْرة ِ الجُلْمُودِ! |
أيُّ شيء تُراكِ؟ هلى أنتِ "فينيسُ" |
تَهادتْ بين الورى مِنْ جديدِ |
لتُعيدَ الشَّبابَ والفرحَ المعسولَ |
للْعالم التعيسِ العميدِ! |
أم ملاكُ الفردوس جاء إلى الأر |
ضِ ليُحييِ روحَ السَّلامِ العهيدِ! |
أنتِ..، ما أنتِ؟ أنتِ رسمٌ جميلٌ |
عبقريٌّ من فنِّ هذا الوجودِ |
فيكِ ما فيه من غموضٍ وعُمقٍ |
وجمالٍ مُقَدِّسٍ معبودِ |
أنتِ.. ما أنتِ؟ أنتِ فَجْرٌ من السّحرِ |
تجلّى لقلبيَ المعمودِ |
فأراه الحياة َ في مونِق الحسن |
وجلّى له خفايا الخلودِ |
أنتِ روحُ الرَّبيعِ، تختالُ فـ |
الدنيا فتهتزُّ رائعاتُ الورودِ |
وتهبُّ الحياة سكرى من العِطْر، |
ـر، ويدْوي الوجودُ بالتَّغْريدِ |
كلما أبْصَرَتْكِ عينايَ تمشين |
بخطوٍ موقَّعٍ كالنشيدِ |
خَفَقَ القلبُ للحياة ، ورفّ الزّهـ |
رُ في حقل عمريَ المجرودِ |
وأنتشتْ روحي الكئيبة ُ بالحبِّ |
وغنتْ كالبلبل الغرِّيدِ |
أنتِ تُحِيينَ في فؤادي ما قد |
ماتَ في أمسي السعيدِ الفقيدِ |
وَتُشِيدينَ في خرائبِ روحي |
ما تلاشى في عهديَ المجدودِ |
من طموحِ إلى الجمالِ إلى الفنِّ، |
إلى ذلك الفضاءِ البعيدِ |
وتَبُثِّين رقّة َ الشوق، والأحلامِ |
والشّدوِ، والهوى ، في نشيدي |
بعد أن عانقتُ كآبة ُ أيَّامي |
فؤادي، وألجمتْ تغريدي |
أنت أنشودة ُ الأناشيد، غناكِ |
إله الغناءِ، ربُّ القصيدِ |
فيكِ شبّ الشَّبابُ، وشَّحهُ السِّحْرُ |
وشدوُ الهوى ، وَعِطْرُ الورودِ |
وتراءى الجمالُ، يَرْقُصَ رقصاً |
قُدُسيَّا، على أغاني الوجودِ |
وتهادتْ في لإُفْقِ روحِكِ أوْزانُ |
الأغَاني، وَرِقّة ُ التّغريدِ |
فَتَمايلتِ في الوجود، كلحنٍ |
عبقريِّ الخيالِ حلوِ النشيدِ: |
خطواتٌ، سكرانة ُ بالأناشيد، |
وصوتٌ، كرجْع ناي بعيدِ |
وَقوامٌ، يَكَادُ يَنْطُقُ بالألحان |
في كلِّ وقفة ٍ وقعودِ |
كلُّ شيءٍ موقَعٌ فيكِ، حتّى |
لَفْتَة ُ الجيد، واهتزازُ النهودِ |
أنتِ..، أنتِ الحياة ُ، في قدْسها |
السامى ، وفي سحرها الشجيِّ الفريدِ |
أنتِ..، أنتِ الحياة ُ، في رقَّة ِ |
الفجر في رونق الرَّبيعِ الوليدِ |
أنتِ..، أنتِ الحياة ً كلَّ أوانٍ |
في رُواءِ من الشباب جديدِ |
أنتِ..، أنتِ الحياة ُ فيكِ وفي عينَيْـ |
وفي عيْنَيْكِ آياتُ سحرها الممدُودِ |
أنتِ دنيا من الأناشيد والأحْلام |
والسِّحْرِ والخيال المديدِ |
أنتِ فوقَ الخيال، والشِّعرِ، والفنِّ |
وفوْقَ النُّهَى وفوقَ الحُدودِ |
أنتِ قُدْسي، ومَعبدي، وصباحي، |
وربيعي، ونَشْوَتِي، وَخُلودي |
يا ابنة َ النُّور، إنّني أنا وَحْدي |
من رأى فيكِ رَوْعَة َ المَعْبُودِ |
فدَعيني أعيشُ في ظِلّك العذْبِ |
وفي قرْب حُسْنك المشهودِ |
عيشة ً للجمال والفنّ والإلهام |
والطُّهرْ، والسّنَى ، والسّجودِ |
عيشة َ النَّاسِكِ البُتولِ يُنَاجي الرّ |
بَّ في نشوَة ِ الذُّهول الشديدِ |
وامنَحيني السّلامَ والفرحَ الرّو |
حيَّ يا ضَوْءَ فجْريَ المنشودِ |
وارحَميني، فقدْ تهدَّمتُ في كو |
نٍ من اليأس والظلام مَشيدِ |
أَنقذِيني من الأَسى ، فلقد أَمْسيـ |
أَمْسَيتُ لا أستطيعُ حملَ وجودي |
في شِعَابِ الزَّمان والموت أمشي |
تحت عبءِ الحياة جَمَّ القيودِ |
وأماشي الورَى ونفسيَ كالقبرِ، |
ـرِ، وقلبي كالعالم المهدودِ |
ظُلْمَة ٌ، ما لها ختامٌ، وهولٌ |
شائعٌ في شكونا الممدودِ |
وإذا ما اسْتخفّني عَبَثُ النَّاس |
تبسَّمتُ في أسَى ً وجُمُودِ |
بسمة ً مُرَّة ً، كأنِّيَ أستلُّ |
من الشَّوْك ذابلاتِ الورودِ |
وانْفخي في مَشَاعِري مَرَحَ الدُّنيا |
وشُدِّي مِنْ عزميَ المجهودِ |
وابعثي في دمي الحَرارَة ، عَلَّي |
أتغنَّى مع المنى مِنْ جَديدِ |
وأبثُّ الوُجودَ أنْغامَ قلبٍ |
بُلْبُليٍّ، مُكَبَّلٍ بالحديدِ |
فالصباحُ الجميلُ يُنعشُ بالدِّفءْ |
حياة َ المحطَّمِ المكدودِ |
أَنقذيني، فقد سئمتُ ظلامي! |
أَنقذيني، فقد مللتُ ركودي |
آهِ يا زَهرتي الجميلة ُ لو تَدْرِين |
ما جَدَّ في فؤادي الوَحِيدِ |
في فؤادي الغريبِ تُخْلَقُ أكوانٌ |
من السحر ذات حسن فريد |
وشموسٌ وضَّاءة ٌ ونجومٌ |
تَنْثُرُ النُّورَ في فَضَاءٍ مديدِ |
وربيعٌ كأنّه حُلُمُ الشّاعرِ |
في سَكرة الشّباب السعيدِ |
ورياضٌ لا تعرف الحَلَك الدَّاجي |
ولا ثورة َ الخَريفِ العتيدِ |
وَطُيورٌ سِحْرِيَّة ٌ تتناغَى |
بأناشيدَ حلوة ِ التغريدِ |
وقصورٌ كأَنَّها الشَّفَقُ المخضُوبُ |
أو طلعة ُ الصباحِ الوليدِ |
وغيومٌ رقيقة تَتَادَى |
كأَباديدَ من نُثَارِ الورودِ |
وحياة ٌ شعريَّة ٌ هي عندي |
صورة ٌ من حياة ِ أهلِ الخلودِ |
كلُّ هذا يشيدهُ سحرُ عينيكِ |
وإلهامُ حسْنكِ المعبودِ |
وحرامٌ عليكِ أن تَهْدمي ما |
شَادهُ الحُسْنُ في الفؤاد العميدِ |
وحرامٌ عليكِ أن تسْحَقي آمـ |
ـالَ نفسٍ تصْبو لعيشٍ رغيدِ |
منكِ ترجو سَعَادَة ً لم تجدْهَا |
في حياة ِ الوَرَى وسحرِ الوجودِ |
فالإلهُ العظيمُ لا يَرْجُمُ العَبْدَ |
إذا كانَ في جَلالِ السّجودِ |