غدوْتُ، وما يشْجي فؤادي خَوَادشٌ |
و ما وطَري إلاّ الغَوايَة ُ والخمْـرُ |
معتّقـة ٌ ، حمراءُ ، وَقْـدَتُها جَـمـرُ، |
ونَكْهتُها مسْكٌ، وطَلْعتُها تِبرُ |
حطَطْنا على خمّارِها، جُنْحَ ليلة ٍ، |
فلاحَ لنا فجرٌ، ولم يطْلعِ الفجْرُ |
و أَبْرَزَ بِـكْـراً مُـزّة َ الطـعْـم، قـرْقَـفَا |
صَنِيعَة َ دِهْقانٍ، تراخَى له العُمرُ |
فقال: عرُوسٌ كان كسرَى ربيبَها، |
معـتّـقـة ٌ، من دونـها البابُ والسّـتْرُ |
فقلتُ: أدِلْ منْها العنان، فإنّني |
لها كُفْءُ صِـدْقٍ ، ليس من شيمي العُسرُ |
فجـاءَ بها شَـعْـثـاءَ ، مشْـدُودَة َ القَرَا، |
على رأسها تاجٌ، ملاحِـفُهـا عُـفـْــــرُ |
فلمّــا توجّى خـصْـرَها فـاحَ ريحُهـا |
فقلتُ: أذا عِطرٌ؟ فقال: هوَ العطرُ |
وأرسلتُها في الكأس راحاً كريمة ً، |
تَعَطّرُ بالرّيْحانِ، أحْكَمَهَا الدهْرُ |
كـأن الزّجاجَ البِيضَ منها عَــرائسٌ، |
عليهِنّ بين الشَّرْبِ أرْدِيَة ٌ حُمْرُ |
إذا قُهِـرَتْ بالماءِ ، راقَ شُـعاعُـها |
عُـيونَ النّـدامى ، واستمـرّ بها الأمـرُ |
وضـاءَ من الحلْي المُـضاعَـفِ فوْقها |
بدورٌ، ومرْجانٌ تألّفَهُ الشَّذرُ |
كأَنّ نجومَ اللّيـلَ فيها رواكــدٌ؛ |
أقمن على التأليفِ، آنِسُها البدْرُ |
وصَلْتُ بها يوْماً بليْلٍ وصلْتُهُ |
بأوّلِ يومٍ، كانَ آخِرَهُ السّكْرُ |
وظَـبْيٍ، خلوبِ اللفظِ ، حُـلوٍ لوَجهِـهِ، |
وأمْكَنَ منه ما تحيطُ به الأُزْرُ |
فقمْتُ إليه، والكرَى كُحْل عيْنِه، |
فقبّلْتُهُ، والصّبّ ليس لَهُ صَبْرُ |
وقَبَّلْتُهُ ظهْراً لبطْنٍ، وتارَة ً |
يكـون بسـاط الأرضِ بالباطـنِ الظهرُ |
إلى أنْ تجلّى نومُه عن جفونِه، |
وقال: كسبتَ الذنْبَ! قلتُ: ليَ العُذْرُ |
فأعْرَضَ مزْوَرّاً، فكان بوجْهِهِ |
تَفَقّؤ رُمّانٍ، وقد بَرَدَ الصّدْرُ |
فما زلْتُ أرقِيهِ، وألْثُمُ خَدّهُ |
إلى أن تَغَنَّى راضياً وله الشّكْرُ: |