شُدَّ "غُروضَ" المطيّ مُغترباً |
فلم يَفُزْ طالبٌ وما دَأَبا |
لا دَرَّ في الناس دَرُّ مقتصدٍ |
يأخُذُ من رزقهِ الذي اقْتَربا |
يتركُ أن يحمِيَ الذَّمارَ إذا |
ضِيمَ ويحمِي اللُّجِيْنَ والذَّهبا |
للهِ دَرُّ الإباءِ أعوَزَهُ |
في جانبِ الذُّلِّ عزَّه فَنبا |
وما مُقامُ الكريمِ في بلدٍ |
يُنفق فيه الحياءَ والأَدبا |
مالي أرى المَكرُماتِ عاطلة ً |
والفضلَ خِلْوَ الفِناءِ مُجتَنَبا؟ |
تفرّقٌ دائمٌ فإنْ عرضتْ |
دَنيّة ٌ طير نحوها عُصَبا |
هل لِيَ في الدّهر من أخي ثقة ٍ |
يحتقرُ الحادثاتِ والنُّوَبا؟ |
مُمْتَعضِ الأنفِ إنْ أهَبْتَ بهِ |
شَنَنْتَ في صحنِ وجهِهِ الغَضَبا |
ربّ مقامٍ دَحْضٍ ثبتُّ به |
ولو خَطاه غيرُ الجواد كَبا |
وساعة ٍ للعيوبِ كاسية ٍ |
نَفَضْتُ فيها من بُرْديَ الرِّيبَا |
تُمسحُ أخلافُها ولا حَلَبا |
أطلعتُ فيه كواكباً شُهُبا |
وأزمة ٍ للّحوم عارقة ٍ |
عقرتُ في عُقرِ دارها السَّغَبا |
ومُقْتِرٍ برَّحَ الزّمانُ بهِ |
سبقتُ فيه إلى اللُّها الطّلَبا |
وصاحبٍ يمترِي النَّوافلَ في |
ودِّي ولم يَقْتِضنِي الّذي وَجَبا |
يَرْضى بسُخطي على الزَّمانِ، فإنْ |
رضيتُ يوماً عن صرفه غَضِبا |
كأنّما الضِّغنُ بين أضلُعِهِ |
يُضرمُ نارًا إذا أقولُ: خَبا |
لاَ يَنْتُهُ كي يَرى الجميلَ ولَمْ |
أَنْحَتْ بكفِّي من عُودِه النَّجَبا |
وكنتُ إمَّا مثقِّفاً خَطَلاً |
منه وإمّا مداوياً جَرَبا |
وكم سقاني الطَّرْقَ الأُجاجَ فجا |
زيتُ زُلالاً تخالُه ضَرَبا |
لا تعطنِي بالزّمان معرفة ً |
قد ضاق بي مرَّة ً وقد رَحُبا |
أيُّ خطوبٍ لم تَشْفِنِي عِظَة ً |
وأيُّ دهرً لم أفنِهِ عَجَبا؟! |
ساعاتُ لهوٍ تمرُّ مُسرعة ً |
عنّا وتُبقي العناءَ والتَّعَبا |
لا تطمعُ النّفسُ أنْ تمتَّعَ بالـ |
ـآتي ولا تستردَّ ما ذهبا |
وكلّ حيٍّ منّا يجاذب حَبْـ |
ـلَ العمرِ أيّامَه لوِ انْجَذبا |
وكيفَ يَرجو الحياة َ مُقْتنصٌ |
يُغرمُ منها ضِعفَ الذي كسبا؟ |
إنِّي من معشرٍ إذا نُسبوا |
طابوا فُروعًا وأَنجبوا حَسَبا |
لا يجد الذّمّ في حريمهُم |
مَسْعًى ولا العائبون مُضطَرَبا |
إذا رضوا أوسعوا الورى نعماً |
أو سَخِطوا أوْسعوهُمُ نُوَبا |
أو رَكِبوا الهولَ قالَ قائلُهم: |
أكرمُنا مَن حياتَهُ وَهَبا |
كُلُّ جريءِ الجَنانِ إنْ هَتَفتْ |
يومًا بهِ حَومة ُ الوغَى وَثَبا |
ومدّ فيها ذراعَ قَسْوَرَة ٍ |
تردُّ صدرَ القناة مُختَضَبا |
إلى متى أحمل الهموم ولا |
أُلفى مدَى الدّهر بالغاً أربا |
تَزْوَرُّ عنِّي الحقوقُ مُعرضَة ً |
متى أرُمْهُنَّ فُتْنَني هَرَبا |
نَهْضًا إليها؛ إمّا عَلوتُ لها |
دَفَّيْ ركوبٍ أو مركبا حَدِبا |
إنْ لم أثِرْها مثلَ القَطا الكُدْريِّ لا |
تعرفُ إلاّ الرَّسيمَ والخَبَبا |
تَنْصاعُ مثلَ النَّعام جافلة ً |
تترك أقصى مُرادها كَثِبا |
فلا دعوت "الحسين" يُرز لي |
حُرَّ المعالي يومَ الفخار أبا |
قَرْمٌ إذا حَفَّتِ الخطوبُ بهِ |
نَزَعْن عن آخذٍ لها أُهبا |
مجتمع الرأي بينهنّ وكمْ |
شَعَبْنَ آراءَ غيرهِ شُعَبا |
يأبى وتأبى له حفيظتُهُ |
يَركبَ أَمرًا إلاّ إذا صَعُبا |
أو يبتغي في في نجاح حاجته |
إلاّ ظُبا البيض والقنا سَبَبا |
وكم له من غريب مأثُرَة ٍ |
تُعجبُ مَن ليس يألفُ العجبا |
يكون قولُ الذي تأملها : |
ليس المعالي ونيلُها لَعِبا |
مكارمٌ لا تزالُ غالبة ً |
على محلِّ الفَخارِ مَن غَلَبا |
لا يرهبُ الواصفَ البليغَ وإنْ |
أفرط فيها عيباً ولا كَذِبا |
وأنتَ في كلِّ يومٍ معركة ٍ |
تُمطِر من سُحب نقعها العَطَبا |
إِمّا جَبينًا بالتُّربِ مُتْعَفِّرًا |
أوْ وَدَجاً بالنَّجيع مُنسكبا |
أوْ لِمَّة ً نشَّرَتْ غَدائرُها |
على نواحي قُنّاتِها عَذَبا |
لولاك كانت جِدّاءَ حائلة ً |
تُمسحُ أخلاقُها ولا حَلَبا |
ومن عجيبِ الزّمان أنْ يَدَّعي |
شَأْوَكَ فَشلٌ لم يَعْدُ أنْ كَذَبا |
لم يدرِ والجهلُ من سجيّتِهِ |
أنك أحرزَتَ قبلهِ القَصَبا |
وأنّه لا يكون رأساً على الأ |
أَقوامِ مَن كانَ فيهمُ ذَنَبا |
ووصمة ٌ في الرّجالِ أنْ يطؤوا |
عَقْبَ امرىء ٍ كانَ بينهُمْ عَقِبا |
أو يتبعوا ساعة ً من الدهر من |
كانَ لمنْ شِئتَ تابعًا حَقِبا |
وإنْ جرَوْا كنتَ أنتَ غُرَّتَهُمْ |
سَبْقًا وكانَ الحِزامَ واللَّبَبَا |
وقد دَرَى كلُّ مَن له بصَرٌ |
أنَّكَ سُدْتَ العُجَيْمَ والعَرَبا |
وقُدْتَهمْ ناشئًا ومُنْتَهيًا |
وَنُبْتَ عنهم تكهّلاً وصِبا |
وإنْ دَجوا كنت فيهمُ قبساً |
أو خمدوا كنتَ فيهمُ لَهَبا |
وإنْ عَلا بينَهُم تَشاجُرُهُمْ |
سللت للقولِ مِقْولاً ذَربِا |
يأتي بفصلٍ من الخطابِ لهمْ |
يَقْطعُ ذاك اللّجاجَ واللَّجَبا |
كَلَهْذَمِ الرمّح عند طعنته |
والسّهمِ أصْمى والسّيف إن ضربا |
وكنت فيهم ممن "يحاولهم" |
حِصناً حصيناً ومَعْقِلاً أشِبا |