عزفتُ فما أدري الفتى كيف يرغبُ |
و عفتُ فما أشكو القذى كيف يشربُ |
و روضني لليأسِ هجرُ مطامعي |
فبغض عندي الوفر وهو محببُ |
رأيتُ الغنى ما ندَّ عني ففاتني |
فكيف يخافُ الفوتَ من ليس يطلبُ |
و أرضى عن الأقدارِ كيف تصرفت |
و غيريَ بالأقدارِ يرضى ويغضبُ |
أأشري بعرضي رفدَ قومٍ معوضة ً |
و أشعرُ نفسي أنّ ذلك مكسبُ |
فلا جرَّ رزقٌ غبطة ً وهو يجتدي |
و لا سدَّ مالٌ خلة ً وهو يوهبُ |
هنئيا لربَّ الرائحاتِ خلاصهُ |
إذا ضافني مما يعقُّ ويحلبُ |
و من قودها لي في الصلاب ثنية ً |
و بزلاءَ تعصي في القيادِ وتصحبُ |
تركتُ لمعطي النائلِ الغمرِ نيلهُ |
و إني إلى ترك البخيلِ لأقربُ |
فلا المدحُ في المسنى الجوادِ أكده |
و لا اللحزُ المناعُ ذميَ يرهبُ |
و يظلمني المولى وفي فيَّ ناصرٌ |
و كفي فلا أشكو ولا أتعتبُ |
إذا ذهبتْ بي رغبة ٌ عن تلاده |
طريقاً فما لي عنه بالودّ مذهبُ |
له خصبهُ دوني ولي نوطة ٌ به |
و عونٌ على أيامه وهو مجدبُ |
و للحبَّ مني ما أمنتُ خيانة ً |
محلة ُ قلبٍ قلما يتقلبُ |
أجرُّ الهوى مالان فضلة َ مقودي |
و يعسفني حينا فآبي وأجذبُ |
و ما كلما فارقتُ أشربُ دمعتي |
و لا كلما غنى الحمامُ أطربُ |
و كم ألفتني ظبية ٌ وهي فذة ٌ |
فملتُ ولم أعطفْ وقد عنّ ربربُ |
أحبُّ الوفاءَ محمسا ومغزلا |
و أصحبهُ فيما أجدُّ وألعبُ |
و أعطى يدي ما خلتني متفضلا |
و أمنعها ما خلت أنيَ أرغبُ |
فلو لقيتْ أيامُ دهري خلائقي |
لكانت على جهلاتها تتأدبُ |
و لو أنها للسلم جانحة ٌ معي |
لكانتْ على الشحناء بي تتحببُ |
و كنتُ لها عذرا إلى كلَّ ماجدٍ |
يرى أنها في حربِ مثلي تذنبُ |
و لكنها عجماءُ سيانِ عندها |
شدا جاملٌ أو قال هجرا مؤنبُ |
تشطُّ بأحبابي الذين أودهم |
و تدنو بجارٍ لا أحبُّ فتقصبُ |
و لو أنها تأوى لصوني لقربتْ |
بعيدا وشطت بالذين تقربُ |
كواكبُ آمالي وأقمارُ مطلبي |
نأتني وفي الأحبابِ بدرٌ وكوكب |
تطلعُ حينا من بروج سعودها |
على َّ ويطويها البعادُ فتغربُ |
إذا قلتُ هذا العامُ حسبُ وبعده ال |
ثواءُ أتى في الأمر ما ليس يحسبُ |
فكم يحملُ الثقلَ الضعيفُ وكم ترى |
يقلُّ وسوقَ البعدِ جنبٌ مندبُ |
و كم تكتسي في ظلَّ قومٍ أعزة ٍ |
قوادمُ ريشي ثم تعرى فتسلبُ |
و يأخذُ مني الحاضرون ببخلهم |
فواضلَ ما يعطي السماحُ المغيبُ |
أيدري الوزيرُ من كني عنه أو عني |
نعم هو يدري ما أعمي وأعربُ |
و إني بحبلٍ غيرِ أطنابِ بيته |
على بيتِ شعرٍ ناصح لا أطنبُ |
سماتُ بني عبد الرحيم سلائطٌ |
على وجهِ أشعاري تنيرُ وتثقبُ |
لهم جمتا فكري مطيلا ومقصرا |
و صفوتهُ صرفاً وبالماء تقطبُ |
فلو قلتُ إني في مديح سواهمُ |
صدقتُ لقال الشعرُ في السرَّ تكذبُ |
همُ أمكنوني من ظهورِ مآربي |
فأركبُ منها ما اشاء وأجنبُ |
ألمُّ بهم ما لا يلمُّ بشاعبٍ |
و أرأبُ فيهم صدعَ ما ليس يرأبُ |
و أستعتب الأيامَ وهي مصرة ٌ |
بهبتهم حتى تفيءَ فتعتبُ |
همُ رحمي والأقربون معقة ٌ |
و فيهم أبي البرُّ الرؤوفُ ولا أبُ |
و دولتهم لا عطلتْ لي مواسمٌ |
و أيامهم سوقٌ بفضلي تجلبُ |
ذخرتُ لهم كنزا مواريثَ قومهم |
فمن رامني من غيرهم فهو يغصبُ |
فلا أسمعتْ ذبيانُ بعدي وبعدهم |
بني منذرٍ عذرا به العفوُ يوجبُ |
و لا فرحتْ أقيالُ آلِ أمية ٍ |
بما سيرتْ فيها تميمٌ وتغلبُ |
أيا راكبَ العشواءِ يطرحُ صدرها |
خطارا على الشقَّ الذي هو أتعبُ |
ترى ظلها في الشمس تحسبُ أنه |
لأخرى سواها لاحقاً أو ستقربُ |
تغارُ إذا ما ابصرتْ ظلَّ سنبكٍ |
على الأرض جلى َّ سابقا وهي تعقبُ |
كأن فجاج الأرض نقدٌ لركضها |
تغير عليهِ كيفَ شاءت وتنهبُ |
تنص مقاضاتين للسير تلفظُ ال |
محالَ وتوعي الحقَّ نصحاً فتوعبُ |
و كالئة ٍ ترعى الشخوصَ كأنها |
أخو ليلة ٍ بات الربيئة َ يرقبُ |
إذا اقتضيتْ في ذمة النجم حاجة ٌ |
فتلك لديها دعوة ٌ لا تخيبُ |
تحملْ سلامي واحتقبْ ليَ حاجة ً |
تضيءُ لك المسرى وطرقك غيهبُ |
إلى شرف الدين انتزعها إهابها |
و دعها على نارِ السياط تلهبُ |
إلى ملكٍ لا يسلكُ النومُ جفنهُ |
و في الملكِ صدعٌ بالسهاد يشعبُ |
و لا تبلغُ الأثقالُ غاية َ جهدهِ |
إذا ظلت البزلُ المصاعيبُ تشغبُ |
تفحصَ في الآراءِ حتى أرينهُ |
على غير فحصٍ أيّ أمريه أصوبُ |
و أتعبه التدبيرُ حتى أراحه |
و قد تستريح النفسُ من حيث تتعبُ |
فكن مبلغاً عنيّ وحظك عنده |
إذا أنت باسمي فهتَ أهلٌ ومرحبُ |
و قل يا عميد الدولة اعطفْ وإن جنتْ |
فما زلة ٌ إلا وعفوك أرحبُ |
تلافَ عصاها أن تشقَّ فإنها |
بسوء القضايا تلتحي وتشذبُ |
و داركْ ذماها وهو بعدُ فربما |
تخور القوى أنْ ينفعَ المتطببُ |
يقربك الإقبالُ حينا فتؤنس ال |
حياة ويقصك الشقاءُ فتعطبُ |
و من أعجب الأشياء تعليلها بمنْ |
ترى عجزه من حظه يتعجبُ |
فإن يبلغوا بالداء لا يحسمونه |
و عندهمُ منك الدواءُ المجربُ |
إذا طلقتْ منك الوزارة ُ أصبحتْ |
مجدذة ً من حسنها تتسلبُ |
تغوثُ بالأسحار تدعو صباحها |
و تبكي زمانَ الوصل منك وتندبُ |
تخالُ بها ربعا محيلاً تساقطتْ |
تحاجلُ فيه الساحجاتُ وتنعبُ |
بنيتَ بها بكر الصبا فمن الذي |
يصفي هواها وهي شمطاءُ ثيبُ |
و أبرحُ من تعنيسها وهي أيمٌ |
إذا غبتَ من يسمى لها وهي تخطبُ |
و هذا أوان الشدَّ فانهضْ بحملها |
وثبْ واثقا إنَّ العلاءَ توثبُ |
فما كلُّ ما استوضحتَ فيها هداية ٌ |
و ليس ضلالا كلُّ ما تتنكبُ |
قد اشتاقك الملكُ الذي أنت أنسهُ |
و أوحشَ صدرٌ منه وارتاعَ موكبُ |
و قد أعجفَ الروادُ واعتصروا الحيا |
من الصخر إذ أمست سماؤك تحجبُ |
و قصَّ جناحُ الشعرِ لا الطبعُ جاريا |
يرقُّ ولا مستولدُ الفكر ينجبُ |
فنحن كأنا لم نصفْ ملكا ولم |
نقم قطّ ما بين السماطين نخطبُ |
و كائنْ لنا من موقفٍ متشهرٍ |
لديك يطيبُ القولُ فيه ويعذبُ |
تميزُ به عنقَ القوافي وهجنها |
و تعلمُ ما ذا يجتبى ويحببُ |
و وجهك بسامٌ إلى المدح مقبلٌ |
عليه ووجهُ الدهر جهمٌ مقطبُ |
و كم ثمَّ من مسترزقٍ حلفتْ له |
لهاك وبرتْ أنه لا يخيبُ |
و عيشٍ يبيسٍ بالسماح بللتهُ |
و وجهك فيه من بنانك أرطبُ |
رعى اللهُ منك البحرَ لم أروَ بعده |
بلى َ ربما أفعمتَ والبحرُ ينضبُ |
و مطرحَ آمالي الذي كلُّ ضيقٍ |
عليه فسيحٌ عنده ليَ مرغبُ |
و ما لي إذا أعسرتُ من كلَّ وجهة ٍ |
و جاهي الذي من بعضه المالَ أكسبُ |
تأجنُ غدراني وماؤك سلسلٌ |
و تخبثُ أوطاني وتربك طيبُ |
وَ جودك لي سيان ما كنتَ حاضرا |
قريبا وما ينأى وما يتقربُ |
فلولا مضيضُ الشوقِ لم أشكُ غصة ً |
و لا أجحفَ التردادُ بي والتقلبُ |
و لكنك العينُ التي كلُّ غبطة ٍ |
إذا هي لم توجدْ عناءٌ معذبُ |
فلا حولتْ عني ظلالك خطة ٌ |
تحلُّ ولا محذورة ٌ تترقبُ |
و عشتَ لمثلي واحدا في زمانه |
و للناسِ بعدي يطلبون وتطلبُ |
أجازي نداك الغمرَ نشرا مخلدا |
كلانا مطيلٌ في معانيه مطنبُ |
بكلّ مطاعٍ أمرها مستجيبة ٍ |
لدعوتها الأسماعُ تزجى وتوهبُ |
تولجُ لا تخشى تلونَ آذنٍ |
لها الخلواتُ والرواقُ المحجبُ |
يقرُّ لها بالفضلِ من لم تقلْ له |
و يعظمها العيابُ والمتعصبُ |
لها كلُّ صوتٍ كلُّ راويه مبلغٌ |
فصيحٌ ومن غنى به فهو مطربُ |
تصفتْ فقد كادت مع التبر تقتنى |
و رقتْ فقد كادتْ مع الماء تشربُ |
مصدقة في المدح أسرفَ أو غلا |
و مأمونة ما تستزيدُ وتعتبُ |
تزورك يوما في نديك تجتلى |
و يوما مع السفارِ تقرا وتكتبُ |
تسوقُ التهاني خلفها وأمامها |
تصعدُ في الدنيا بكم وتصوبُ |
تذكركم من حقها إن نسيتمُ |
بما تقسم الأعيادُ حظا وتنصبُ |
ترفعُ عن تيه المصيبِ وعجبهِ |
و لكن بكم فخرا تتيهُ وتعجبُ |