بِيَدي خُذوا ضاقَت عَليَّ مَذاهِبي |
وَاِستَنقَذوني مِن أَكُفِّ مَصائِبي |
أَو مَزَقوا أَحشاي لَستُ بِقادِرٍ |
اَن أَحمل الهَضبات فَوقَ مَناكِبي |
أَينَ الفَرار مِن الزَمان وَظُلمِهِ |
وِمِن المُقاومُ لِلعَدوِّ الغالِبِ |
مَن راحَ يَطلُبُ مِن مَكائِدِهِ الصَفا |
طَلَب الوَفاء مِن الخؤون الكاذِبِ |
أَنا ساقِطٌ تِلقاء صاعِقَة القَضا |
أَنا خابِطٌ بِدُجى المُصاب الناكِبِ |
لا تُكثِروا كلَم التَعازي أَنَّها |
مثل النِبال عَلى الفُؤاد الذائِبِ |
سمع الحَزين إِلى عِبارات العَزا |
نَظرُ الجَريح إِلى حُسام الضارِبِ |
بَل وَازروني بِالبُكاءِ فَإِنَّهُ |
يَشفي غَليل القَلب وَسَط مَصاعِبِ |
وَلَو اِستَطَعتُ حَبَستُ دَمعي إِنَّني |
لا أَبتَغي فَرجاً بِحال مَتاعبي |
تَباً لِيَومٍ كانَ مَطلَع فَجرِهِ |
بِغِيابِ نجم هِدايَتي وَماءَ رَبي |
فيهِ فَقَدتُ أَبي وَفارجُ كُربَتي |
وَحَرَمتُ فيهِ ذَخيرَتي وَرَغائِبي |
يا صاح لا غَير النَجيب يَطيبُ لي |
فَاِندُب وَزِد وَلهي بِهِ يا صاحِبي |
كَأساً سَقاني البين مُرّ مَذاقِهِ |
كَالسُم يَفتُكُ في فُؤاد الشَارِبِ |
جاوَرتُ لُبنان العَظيم وَبُغيَتي |
فيهِ النَجاة مِن الوَباء الناهِبِ |
فَسَطا القَضا حَتّى رائتُ جِبالُهُ |
هَماً تَراكم قائِماً بِجَوانِبي |
فَكَأَنَّها مِن تَحت أَذيال الضُحى |
جسم الظَلام عَلَيهِ هام نَوائِبِ |
وَكَأَنَّها اِنطَبَقَت عَليَّ فَلَم أَعد |
إِلا دَفيناً في مضيق مَصائِبِ |
يا غائِباً عَنا وَذكرك بَينَّنا |
طول الزَمان نَراهُ لَيسَ بِغائِبِ |
أَسرَعتَ في عَهد المَسير وَقَد دَعا |
صَوت البَشير فَقُمتَ نَحوَ الطالِبِ |
أَوحَشتَ دارك إِنَّما لَكَ مَنزِلٌ |
أَهداكَ فيهِ الأُنس عَفوَ الواهِبِ |
فارَقَتنا فَمَتى المَعاد واي مَتى |
يَقضي بِعادكَ وَهُوَ ضَربَةُ لازِبِ |
حَمَلوك ما صَبَروا عَلَيَّ بُرَيهةً |
أَقضي بِها حَق الوَداع الواجِبِ |
فَبِأَرض مَولدك الكَريمة بُقعَةٌ |
أَودَعَت فيها الآن جَلَّ مطالِبي |
قَد أًرجَعَتكَ لِأُفقِها صدف القَضا |
فَرَجَعتَ مَحمولاً بِغَير جَنائِبِ |
فَسَقَيتُها مِن سَيل دَمعي عارِضاً |
قَد نابَ عَن فَيض الغَمام الساكِبِ |
فَهَل اِرتَوَيتَ بِهِ وَأَنتَ عَلى غِنى |
عَنهُ بِفَيض مَراحم وَمَواهِبِ |
أَأَبي فَدَيتكَ لَو يَردُّكَ لي فِدىً |
عَني ذَهَبتَ أَعَز مَولى ذاهِبِ |
أَينَ المُلاطَفَة الَّتي قَد طالَما |
مِنها رَشَفنا كُل عَذب مَشارِبِ |
أَينَ الحُنوُّ وَأَين أَدعيَة الرِضى |
تِلكَ الَّتي بَسَطَت لَدَيَّ رَغائِبي |
أَم أَينَ أَيديك الَّتي بِجميلها |
جادَت عَلى جيدي بِطَوق كَواكِبِ |
أَأَبي لِماذا لا تُجيبُ بَنيكَ قَد |
صَرَخوا إِلَيكَ وَكُنتُ خَير مُجاوِبِ |
أَأَبي لَما إِغمَضَت عَينكَ بَعدَما |
قَد كُنت تَسهَر يا شَفوق مَراقِبي |
أَغضَضت طَرفكَ رَأفَةً كَيلا تَرى |
في حال مَصرعكَ الأَليم نَوائِبي |
أَم أَنتَ لاهٍ مَع سَميكَ في السَما |
أَعني بِهِ جبريل أَشرَف صاحِبِ |
أَواهُ ما أَمل الخُلود بِدافِعٍ |
ثقل القُيود عَن الفُؤاد الواجبِ |
يُعطي يَقين الدين أَعظَم سَلوَةٍ |
وَالطَبعُ يَمنَع جانِحاً عَن واجِبِ |